عرفت في المقدمة (1).
ويظهر من قوم آخرين: أنه " التعهد " و " التباني " و " الهوهوية " وغير ذلك من العبائر (2)، وهذا أيضا فاسد، ضرورة أن الوضع - بالمعنى المصدري - ليس هو التعهد، ولا غيره، وبمعنى الحاصل من المصدر - وهو المعنى الذي يدرك بين اللفظ والمعنى - أيضا ليس متحدا بمفهومه مع مفهوم هذه العبائر بالضرورة.
نعم، تلك العلاقة والملازمة التي كانت معدومة، وصارت موجودة، كما يمكن أن تحصل بكلمة " وضعت " و " جعلت " حصولا بالتبع، يمكن أن تحصل هي بذاتها، بأن يقول الواضع بعد شرائطه الآتية: " أوجدت علقة الدلالة بين اللفظ والمعنى " فعندئذ توجد تلك العلاقة الاعتبارية أولا وبالذات، وتنالها يد الجعل، لكونها اعتبارية، فما توهمه العلامة الحائري من امتناعه (3)، ناشئ من الغفلة عن حقيقة الأمر وماهية المسألة.
وكما يمكن أن يتوصل الواضع بنحو التعهد والتباني، بأن يقول: " تعهدت بأن أريد المعنى الكذائي عند إلقاء اللفظ الكذائي " يمكن أن يفيد ذلك بالحمل الشائع الصناعي، فيقول: " هذا زيد " فإن الاتحاد والهوهوية لا يمكن إلا بالاتحاد في الوجود حقيقة أو ادعاء.
وهذا كما يمكن دعواه على أن يكون اللفظ من مراتب المعنى، له العكس، بجعل المعنى من لوازم ماهية اللفظ، فيحمل عليه، لأن لازم الشئ متحد معه. فما عن النهاوندي وأتباعه، وبعض الفضلاء وأصدقائه (4)، غير صالح.