أدرك الشيخ كل ذلك وفكر في ذلك كله طويلا، وشمر عن ساعد الجد ليخوض ميدان العمل، وهو يدري أن هناك عقبات صعابا تعرقل سيره في هذا الطريق.
وأول ما بدا له إيجاد جماعة واعية من اخوانه فضلاء الحوزة تفهم ملابسات الحياة النجفية وتعي واقع الرسالة الفكرية الضخمة التي تحملها النجف.
وفي رابع شوال عام 1353 المصادف 10 / 1 / 1935 قدم ثلة من الشباب الروحانيين (فيهم الشيخ) بيانا إلى وزارة الداخلية يطلبون فيه تأسيس جمعية دينية بالنجف الأشرف باسم منتدى النشر مصحوبا بالنظام الأساسي وبعد اللتيا والتي أجازت الوزارة فتح المنتدى.
وأعقبها بمحاولة لتنظيم الدراسة، وتبسيط الكتب الدراسية، وتوسيع المناهج الدراسية، ووجد ان الدراسة المنهجية هي الخطوة الأولى في هذا الطريق، ومهما كانت ضرورة الدراسة الفردية، ومهما قيل في جدواها فلا بد أن ينضم إلى هذا اللون من الدراسة لون آخر من الدراسة يعتمد على نظام خاص. وبهذا الشكل حاول أن يحقق جزءا من الإصلاح.
فوضع في سنة 1355 الخطة لتأسيس مدرسة عالية للعلوم الدينية أو كلية للاجتهاد بفتح الصف الأول الذي كان يدرس فيه أربعة علوم: الفقه الاستدلالي، والتفسير، وعلم الأصول، والفلسفة على شكل محاضرات توضع بلغة سهلة واضحة، فتبرع بتدريس الأول والثاني الشيخ عبد الحسين الحلي، وتبرع بتدريس الثالث والرابع الشيخ عبد الحسين الرشتي. وكان تبرع هذين العلمين بالتدريس دراسة منظمة من أهم الأحداث في تاريخ النجف الأشرف، ويعد تضحية نادرة منهما تذكر مدى الدهر بالتقدير والإعجاب بروحهما الإصلاحية. ولم تأت العطلة الصيفية إلا وتعطل هذا الصف ليعود بعدها، ولكنه أبى ولا يدري غير بعض أعضاء مجلس الإدارة أكان إباؤه عن دلال أم هلال أم عن شئ آخر غير منتظر؟ حتى من مثل هذين العلمين نفسهما قاتل الله الشجاعة الأدبية! كيف تعز في أشد ظروف الحاجة إليها.