أفدناه، تقدر على نقد مقالات القوم في المقام.
ثم إن المراد من قولنا في تفسير المشتق: " بأنه ذات مقيدة بالمبدأ " ليس أن المبدأ قائم بالذات قيام حلول أو صدور، بل من الممكن كون الذات متقومة بالمبدأ، كما في قولنا: " الماهية موجودة " فالمراد من " المبدأ " أيضا أعم، فالمقصود من " التركيب " ليس إلا التركيب اللحاظي الحاصل في نفس الواضع حين الوضع ملغيا جميع الخصوصيات.
ومما ذكرنا يظهر: أن المبدأ أيضا أعم من كونه كالأحداث، أو يكون كالجواهر، كقولك: " زيد لابن، وعمرو بغدادي " فما هو الموضوع له أمر جامع بين جميع هذه المذكورات، فإن قلنا: بخصوص الموضوع له، فتصوير الجامع في غاية السهولة، لعدم الاحتياج إلى الجامع الحقيقي، وإن قلنا: بعموم الموضوع له فالجامع ما ذكرناه (1)، كما لا يخفى، فافهم واغتنم جيدا.
إن قلت: كيف يمكن الالتزام بصحة قولنا: " الله تعالى علم كله، وقدرة كله " وصحة قولنا: " إنه عالم وقادر " مع الالتزام بتركب المشتق، وهل هذا إلا تناقض؟!
فلا بد إما من القول بالبساطة، أو القول بالمجازية.
قلت: التركب الخارجي والذهني الحقيقي، لا يجامع صحة قولنا: " هو علم كله " ولكن التركب بالمعنى الذي ذكرناه يجامعه، فإن للعقل تحليل الواحد كما عرفت.
ولا يخفى: أن حسب القواعد يصح: " زيد علم وعالم " لأن المجردات متحدات مع المفاهيم الكمالية في الخارج. والقول بامتناع تحليله تعالى ذهنا صحيح، إلا أن هذا التحليل كتحليله تعالى ب " أنه العالم القادر " فإن مجرد التقييد الذهني لا يستلزم التركيب الذهني، ولا الخارجي، فلا تغفل.