وهذا يرجع إلى إنكار الوضع النوعي في الهيئات والمواد، أو إلى أن وضعها تهيئي، لا فعلي، بمعنى أن لكل واحد منهما وضعا على حدة، ولكن لا تدل على شئ، ولا ينسبق من ذلك شئ إلى الذهن ما دام لم يلحق به الآخر.
أقول: لا ينبغي الخلط بين قضية البراهين العقلية التي أقامها مثل صدر المتألهين على مسألة عقلية - وهي إثبات موضوع الحركة العرضية مع الجوهر، حتى يثبت الحركة الجوهرية بإثبات الحركة العرضية (1) - وبين قضية التفكيك العقلي واللحاظي الواقع في ذهن الواضع، فإنك أحطت خبرا فيما سلف: بأن للعقل تجزئة الواحد الحقيقي والبسيط الخارجي، فإذا حلله إلى الكثير، فتارة: يضع اللفظ للمعنى المتكثر، وأخرى: يضع اللفظين أو الألفاظ لتلك المتكثرات الموجودة بوجود واحد:
ففي الفرض الأول يلزم الوضع الشخصي، كما إذا لاحظ حقيقة الشجر بجنسها وفصلها، ثم وضع لفظة " الشجر " لها. وفي الثاني يلزم الوضع النوعي.
فله تحليل الجوهر الموصوف بوصف القيام المتحد معه خارجا، فإذا حلله إلى الأمرين مثلا، ووضع للقيام الملاحظ بذاته لفظة، وللذات الواجدة له هيئة أو لفظة، فقهرا تصير الدلالة كثيرة، وإن كانت في عرض واحد، كدلالة " الجامد " على معناه، وقد فصلنا ذلك سابقا (2)، فليراجع.
فبالجملة: عدم التركب في الأعيان أجنبي عن هذه المسألة، فلا تخلط.
خامسها:
لو كانت الذات مأخوذة في المشتق، يلزم التكرار فيما إذا أخبر ب " أن زيدا