تلك الحقيقة الشرعية، لما عرفت من البينونة بين المعاني، ومن استعمال تلك الألفاظ في خصوصيات المصاديق، ومن عدم انحصار الحقيقة الشرعية بالوضع التعييني.
ومن هنا يظهر وجه ذكر الآيات للاستدلال بها على عدم الحقيقة الشرعية (1)، فإنها شاهدة على عدم حدوث اللغات، ولا نظر فيها إلى حدوث المعاني وعدمه.
نعم، هي أيضا شاهدة على عدم حدوث المعاني أيضا، وربما يظهر منها ومن أمثالها استباق بعض الماهيات العبادية على شريعة الاسلام أيضا.
إن قيل: كما يستبعد الوضع التعييني بالاستعمال، كذلك يستبعد الوضع التعيني بكثرة الاستعمال.
قلنا: لا وجه له، بداهة أنه بذاته أمر مستبعد حتى قيل بامتناعه (2)، بخلاف الثاني، فإن إطلاق الألفاظ وإرادة المعاني الخاصة منها وإن لم يكن من الاستعمال المجازي عندنا، ولكنه مجاز، بمعنى عدم اتحاد المراد الجدي والاستعمالي، وإذا كان ذلك كثيرا يصبح تلك الألفاظ ظاهرة في مرادات الشرع المقدس، فيحصل الربط قهرا، والوضع بلا اختيار.
ودعوى احتياج ذلك إلى القرينة، وهي مفقودة إلا في بعض المواقف الشاذة (3)، مسموعة ولكنها لا تضر، وذلك لأن القرائن المنفصلة كافية فيما كانت القوانين المجعولة في الكتاب والسنة، غير قابلة للإجراء بعد الجعل، فإذا احتاج إجراؤها إلى مضي مدة، فلا مانع من تأخير القرينة إلى تلك الحال.