الثاني عشر إنه قد اختلفوا في جواز استعمال اللفظ، في أكثر من معنى على سبيل الانفراد والاستقلال، بأن يراد منه كل واحد، كما إذا لم يستعمل إلا فيه، على أقوال (1):
أظهرها عدم جواز الاستعمال في الأكثر عقلا.
وبيانه: إن حقيقة الاستعمال ليس مجرد جعل اللفظ علامة لإرادة المعنى، بل جعله وجها وعنوانا له، بل بوجه نفسه كأنه الملقى، ولذا يسري إليه قبحه وحسنه كما لا يخفى، ولا يكاد يمكن جعل اللفظ كذلك، إلا لمعنى واحد، ضرورة أن لحاظه هكذا في إرادة معنى، ينافي لحاظه كذلك في إرادة الآخر، حيث أن لحاظه كذلك، لا يكاد يكون إلا بتبع لحاظ المعنى فانيا فيه، فناء الوجه في ذي الوجه، والعنوان في المعنون، ومعه كيف يمكن إرادة معنى آخر معه كذلك في استعمال واحد، ومع استلزامه للحاظ آخر غير لحاظه كذلك في هذا الحال.
وبالجملة (2): لا يكاد يمكن في حال استعمال واحد، لحاظه وجها لمعنيين وفانيا في الاثنين، إلا أن يكون اللاحظ أحول العينين.
فانقدح بذلك امتناع استعمال اللفظ مطلقا - مفردا كان أو غيره - في أكثر من معنى بنحو الحقيقة أو المجاز، ولولا امتناعه فلا وجه لعدم جوازه فإن اعتبار الوحدة في الموضوع له واضح المنع، وكون (3) الوضع في حال وحدة المعنى، وتوقيفيته لا يقتضي عدم الجواز، بعد ما لم تكن الوحدة قيدا