هناك كان الموضوع له عاما، كذلك هنا.
قلت: ليس الأمر كما قيل، ضرورة أن ما ذكرناه هناك (1): هو أن الأمر الواحد البسيط - وهي حيثية الابتداء - يمكن أن يكون معنى اسميا في موطن، وحرفيا في موطن، كما التزم المشهور من الفلاسفة في الجوهر والعرض في مباحث الوجود الذهني (2).
وأما المركب والبسيط والقضية والتصور، فغير قابلة للانقلاب حسب الخارج والذهن، فعليه لا بد من الالتزام بأن الموضوع له خاص، وقد عرفت أن الوضع العام والموضوع له الخاص ممتنع (3)، فلا بد من علاج هذه العويصة جدا.
وبعبارة أخرى: أخذ المفاهيم التصورية من الهيئات التصديقية، وإسراء الوضع إلى تلك الهيئات - كما وضعوا ذلك في الحروف - مما لا يعقل، ولو سلمنا تعقله فهو مما لا يورث السراية، لما عرفت في أصل المسألة (4)، ولخصوصية في المقام.
فما أفاده جماعة من المحققين ومنهم الوالد - مد ظله -: من أن الموضوع له في الهيئات خاص، كما في الحروف (5)، غير تام في الهيئات الناقصة، لأنها وإن كانت دالة وكاشفة في الجمل الإخبارية عن حيثية غير حيثية المضاف والمضاف إليه بالضرورة، إلا أن المستكشف بها - كما قد عرفت - مختلف الأوعية، حسب أوعية المضاف والمضاف إليه، والجامع لها ليس إلا أمرا كليا، ولا دليل على لزوم كونه جامعا ذاتيا، بل هو باختيار الواضع، فما يأخذه من الشتات والمتباينات، هو