ما يختلف آخره بالمرفوعية والمنصوبية والمجرورية انما يتعين بتعينات مختلفة: من الفاعلية والمفعولية ونحوهما، وان المعرب بالاعراب الرفعي فاعل، والمعرب بالاعراب النصبي مفعول وهكذا.
(والحاصل) ان جامع المحمولات أعني الحيثية المشتركة بين مسائل العلم هو الذي ينسبق إلى الذهن أولا، ويطلب في العلم جهاته وتعيناته، فهو الموضوع للعلم، والتعينات المختلفة التي يجعل كل واحد منها موضوعا لمسألة، عوارض ذاتية لموضوع العلم، لما عرفت في المقدمة الرابعة ان كل واحد من الموضوع والمحمول في المسألة عرض بالنسبة إلى الاخر، وفي المقدمة الخامسة ان ما هو الموضوع حقيقة هو المعلوم من الامرين فتلخص مما ذكرنا أن تمايز العلوم بتمايز الموضوعات أعني بها جامع محمولات المسائل، وتمايز المسائل بتمايز الموضوعات فيها.
وقد تبين لك بما ذكرناه فساد ما ربما يتوهم في المقام من انه لم لا يجوز أن يكون الجهة المشتركة بين مسائل العلم المايزة إياها من سائر العلوم، عبارة عن الكلى الجامع لموضوعات المسائل، والجهة التي بها يمتاز كل مسألة من غيرها، عبارة عن خصوصيات موضوعات المسائل وعلي هذا فتوجد كلتا الجهتين في عقد الوضع، ويكون موضوع العلم عبارة عن الكلى الجامع لموضوعات المسائل.
توضيح الفساد انك قد عرفت أن موضوع العلم هو الحيثية المعلومة التي يطلب في العلم تعيناته، ويبحث فيه عن عوارضه التي تحمل عليه، وليس هذا الا ما هو الجامع للمحمولات، فإنه الحيثية المنسبقة إلى الذهن التي يبحث في العلم عن عوارضها.
والظاهر أن ما ذكرناه هو مراد القوم أيضا، حيث أضافوا قيد الحيثية في بيان موضوع العلوم الأدبية، فقولهم: ان موضوع علم النحو هو الكلمة من حيث الاعراب والبناء، و موضوع علم الصرف هو الكلمة من حيث الصحة والاعتلال، وهكذا، انما يريدون بذلك كون حيثية الاعراب والبناء موضوعا لعلم النحو، وحيثية الصحة والاعتلال موضوعا لعلم الصرف. وعلي هذا فيكون تمايز جميع العلوم بتمايز الموضوعات.
فما في الفصول: من أن تمايز العلوم قد يكون بتمايز الموضوعات وقد يكون بتمايز