وما بينهما توصف بالكبر بالنسبة إلى ما تحت وبالصغر بالنسبة إلى ما فوق ويؤيد ما نقول إن الكبر والصغر قد يكون باختلاف الجهات فغصب مال اليتيم والمؤمن والعالم والامام والجائع والعطشان المشرفين على الموت كبيرة وان قل وأهون منها ما ضادها وليس كذلك مال الكافر وان اعتصم بالجزية أو غيرها من أسباب العصمة وهكذا أكثر المعاصي ثم الصغائر مختلفة في مقدار الصغر وكذا الكبائر فقد تكبر حتى تنتهي إلى ترتب الكفر الاسلامي أو الكفر الايماني فاكبر الكبائر فساد العقيدة حتى تبعث على سائر المرجوحات من المكروهات وغيرها فمنها صغائر ومنها كبائر على نحو ما عرفت في المحظورات المبحث التاسع في تقسيم الواجبات وهي كالمستحبات منها صغائر يختلف مراتبها ومنها كبائر كذلك فإنها قد تعظم حتى تبلغ مرتبة يبعث تركها (على) إلى الكفر والكبر والصغر فيها على نحوهما في المعاصي فالواجب المترتب على ترك العقاب العظيم كبير وخلافه صغير ويعرف ذلك بممارسة الشرع ويظهر ذلك بملاحظة ما أوجبه السادات على عبيدهم فان بعضا منه يسهل امره وبعضا يعظم وزره ويشتد بسببه الغضب ويعظم المؤاخذة ومراتبه عديدة وترك الواجب الكبيرة معصية كبيرة كما أن ترك المعصية الكبيرة واجب كبير وليس المدار في كبر الواجب وصغره على الوجود في القران أو الثبوت بدليل قاطع أو التوعد على تركه بالنار ونحو لك وأكبر المعاصي ما أدي فعله إلى الكفر وأكبر الواجبات ما أدي تركه إلى ذلك ومن الواجبات العظام التي لا شئ أعظم منها بعد الايمان والاسلام الصلاة والصيام والزكاة والخمس والحج والجهاد في سبيل الله وبالكفر الاسلامي يستباح الدماء وسبي الأطفال والنساء واخذ الأموال الا فيما يستثنى لبعض العوارض كما سيجيئ بيانه المبحث العاشر في أقسام الكفر وهو أقسام كفر الانكار وكفر الشك في غير محل النظر وكفر الجحود وكفر النفاق بالنسبة إلى الواجب تعالى أو نبيه صلى الله عليه وآله أو المعاد وكفر الشرك وكفر النصب وكفر الهتك بالقول أو الفعل كالتحقير والإهانة بقول أو تغوط في الكعبة أو على القران ونحو ذلك وكفر النعمة وكفر انكار الضروري وتجرى تلك الأقسام بتمامها في الكفر الايماني المتعلق بال النبي وعترته ثم الكفر باقسامه اسلاميا كان أو ايمانيا ينقسم إلى قسمين أصلي وارتدادي فطري تعلق بمن علق في بطن امه واحد أبويه مسلم في الاسلامي ومؤمن في الايماني ولا عبرة بحال انفصال النطفة من الأصلاب والترائب ولا بحال حلولها في الرحم قبل الانعقاد ولا بما بعد الانعقاد قبل التولد أو بعد الميلاد ويجرى حكم الفطرية في ولد الزنا على اشكال المبحث الحادي عشر في أحكام الكفر على الاجمال إما الايماني الأصلي منه والارتدادي الفطري والملي فلا ينقل في الدنيا بحسب الدم والعرض والمال عن احكام الاسلام ما لم ينكر ضروريا من ضروريات الدين يستلزم انكاره انكار نبوة سيد المرسلين واما الكفر الاسلامي فلا يخلوا من أقسام أحدها الارتدادي وهو بجميع أقسامه بين قسمين فطري وملي إما المرتد الفطري فإن كان ذكرا بالغا عاقلا معلوم الذكورية لا خنثى مشكلا ولا ممسوحا فحكمه القتل ويتولى قتله الامام ومن قام مقامه والظاهر جوازه لكل أحد مع عدم التقية من حينه من دون استتابة وتعتد نساءه عدة الوفاة وتتزوج بعد انقضاء العدة وان بقى حيا وتقسم مواريثه بين ورثته بعد قضاء ديونه وانفاذ وصاياه ولو في العبادة أعلى اشكال وإن كان امرأة أو خنثى مشكلا أو ممسوحا حبس وضيق عليه في مطعمه بحرمانه من الطعام الطيب وتمكينه من الجشب ومشربه بحرمانه من الماء البارد في الصيف والمعتدل في الشتاء وتمكينه من الماء الساخن في الجملة في الصيف والبارد الشديد في الشتاء وفي اللباس والوساد والفراش والمكان وعدم وضع من تسر بصحبته معها حتى تتوب أو تموت فان تابت وعادت عمل معها ذلك العمل فان تابت ثالثة وعادت قتلت ولا يقسم ميراثها الا بعد القتل واما الملي فيستوى فيه الذكر والأنثى والممسوح والخنثى المشكل فان كانا عاقلين بالغين استتيبا فان تابا وعادا ثانيا استتيبا كذلك فان عادا ثالثة قتلا ولا فرق في المرأة والخنثى المشكل والممسوح بين الفطري منها والملي الا في الحبس والتضييق في الطعام والشراب ولا يجوز اخذ مال المرتد بقسميه ولا سبي نسائه وأولاده وان انعقد وأحال الردة أو كان جمع المال كذلك بل يرجع إلى الوارث أو الامام ثانيها الكفر الأصلي وهو قسمان أحدهما المتشبث بالاسلام من المنافقين الذين يظهر في بعض الأحيان نفاقهم والناصبيين والسابين والهاتكين والخوارج والغلاة ومنكري ضروري الدين مع تشبثهم بالاسلام فيجوز قتلهم لكفرهم ولا يجوز سبي نسائهم وأطفالهم واخذ أموالهم بل يرجع إلى وراثهم كحال المرتدين القسم الثاني من لا تشبث له بالاسلام وهم على قسمين معتصمين ومستباحين الدماء أو الغرض أو المال فينحصر البحث في قسمين الأول المعتصمين وهم أقسام أحدها باذل الجزية للامام أو منصوبه الخاص أو العام أو الرئيس المطاع من أهل الاسلام من أهل المدينة أو من غيرهم ثانيها المؤمنون ثالثها المعاهدون رابعها المصالحون خامسها النازلون على الحكم سادسها الرضي والعاجزون وسيجيئ الكلام فيها مفصلا واما المستباحون فسيجيئ الكلام فيهم أيضا انشاء الله المبحث الثاني عشر في بيان ما يحتاج إلى رئيس مطاع وعسكر وأشياع واتباع وما لا يحتاج إلى ذلك اعلم أن الحرب الجائز والقتل والضرب على قسمين أحدهما ما لا يحتاج إلى رئيس ماهر بجمع الجنود والعساكر بل هو دفاع محض كالدفاع عن النفس والمال والعرض وهذا القسم لا يدخل في اسم الجهاد
(٣٩٣)