وفيها اختلاف عظيم واخبار متضادة كما لا يخفى على من تتبع فيها ولنشر إلى جملة منها منها الاختلاف في نسب المسيح على ما ذكر في الفصل الأول من إنجيل متى والفصل العاشر من إنجيل لوقافان نسب يوسف الذي يدعى أبا للمسيح ينتهى إلى إبراهيم عليه السلام بتوسط (تسع) تسعة وثلثين من الاباء على ما في إنجيل متى وبتوسط ثلثة وخمسين على ما في إنجيل لوقا وفي الأسامي أيضا اختلاف ومنها ما في الفصل الرابع من إنجيل متى من أن يوسف اخذ عيسى وامه ليلا وهرب إلى مصر وكان هناك إلى وفات هيرودس على نحو ما امره الملائكة في المنام فلما مات هيرودس ظهرت الملائكة في المنام ليوسف وأمره بأخذ الصبى وامه إلى ارض إسرائيل وأخبروه بموت الذين كانوا يطلبون نفس الصبى فاخذ الصبى وامه واتى بهما إلى ارض إسرائيل فلما سمع ان حلاوس قد ملك على اليهودية بدل هيرودس أبيه خاف ان يذهب هناك فذهب إلى نواحي الجبل وسكن في مدينة تدعى ناصرة ثم ذكر بعد ذلك بلا فصل في الفصل الخامس ان في تلك الأيام جاء يوحنا المعمد ان يكرر في برية اليهودية وكان يبشر بمجيئ عيسى عليه السلام إلى أن قال حينئذ اتى يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه فكان يمنعه يوحنا قائلا انا المحتاج ان اعتمد منك ثم ذكر انه بعد أن اعتمد يسوع انفتحت له السماوات ورأى روح الله ثم ذكر رسالته ودعوته وقد ذكر في الفصل الثاني والأربعين منه ان هيرودس سمع خبر يسوع فقال لغلمانه هذا هو يوحنا المعمد ان هو قام من الأموات فمن أجل هذه القوات تعمل به وأراد بذلك العجائب التي كانت تظهر من عيسى عليه السلام ثم ذكر ان هيرودس كان قد قتل يوحنا لعلة مذكورة هناك وغيرها من الأباطيل ففيه مخالفة لما ذكر في الفصل الرابع من وجهين أحدهما ان ما في الفصل الرابع قد دل على أن ظهور عيسى بالدعوة في ارض اليهودية واظهاره الخوارق انما كانت بعد وفات هيرودس وما هنا قد دل على أن هيرودس قد كان حيا بعد وقوع ذلك واشتهاره ثانيهما ان ما هنا قد دل على أن يوحنا قد قتله هيرودس بمدة قبل وفاته فكيف يمكن ملاقاة عيسى إياه بعد رجوعه من مصر إلى ارض اليهودية وقد نص هناك على أن رجوعه من مصر كان بعد موت هيرودس وقيام ابنه مقامه وقد ذكر أيضا في الفصل الثالث والثلاثين من إنجيل لوقا ان هيرودس سمع بجميع ما كان يجرى من عيسى فكان يرتاب لان بعضا كانوا يقولون يوحنا قام من الأموات وبعض ان إيليا أظهر وآخرون ان نبيا من الأولين قام فقال هيرودس انا قطعت رأس يوحنا وفيه قبل ذلك ذكر دعوته عليه السلام في أراضي اليهودية مثل كفرنا حوم وغيرها والمنافاة بينه وبين ما ذكره ظاهرة وأفحش من ذلك في المنافاة ما في الفصل الثاني والثمانين من إنجيل لوقا انه لما اتى رؤساء الكهنة والكتبة ليسوع بعد ما أسلمه إليهم يهود الا سخر يوطئ إلى بيلاطس أرسله بيلاطس إلى هيرودس لما علم أنه من علم الجليل وكان هيرودس شائقا إلى رؤيته لما كان سمع منه أشياء كثيرة ثم ذكر ان هيرودس احتقره مع جنده أو استهزؤا به ثم ذكر انه أرسله هيرودس إلى بيلاطوس وصار هيرودس وبيلاطوس أصدقاء في ذلك اليوم وكانوا قبل ذلك أعداء ثم ذكر في الفضل الذي بعده حكاية أمر بيلاطوس (بيلاطس) بصلبه لإصرار الكهنة والكتبة عليه في ذلك فكم من التنافي بين ذلك وما ذكر أو لا من موت هيرودس قبل اتيان يوسف بعيسى إلى ارض اليهودية على حسب ما نقلنا ومنها ما في الفصل السابع والثمانين من إنجيل متى ان التلاميذ قالوا ليسوع ان تريد نريد ان نعدلك الفضيخ لتأكله فقال اذهبوا إلى المدينة إلى فلان وقولوا له المعلم يقول زماني قد اقترب عندك اصنع الفضيخ مع تلاميذي وقد ذكر في الفصل السادس والأربعين من إنجيل مرقص ان تلاميذه قالوا له أين تريد ان تمضى ونعد لتأكل الفضيخ فأرسل اثنين من تلاميذه وقال لهما امضيا إلى المدينة فسيلقاكما انسان حامل جرة ماء فاتبعاه إلى حيث يدخل قولا لرب البيت ان المعلم يقول أين موضع الراحة حيث اكل الفضيخ مع تلاميذي والمخالفة بين الأول وهذا من وجهين أحدهما ان ظاهر الأول تعيين الشخص وهنا قد أبهم واقتصر على ذكر العلامة ثانيهما ان المبعوثين هناك جماعة وهنا قد صرح بأنهما اثنان وقد ذكر في الفصل الثامن والسبعين من إنجيل لوقا مثل ما حكيناه من إنجيل مرقس (مرقص) الا ان فيه انه جاء يوم الفطير الذي كان ينبغي ان يذبح فيه الفضيح فأرسل بطرس ويوحنا قائلا امضيا واعدا لنا الفضيح وقد صرح هنا باسم المبعوثين وفيه مخالفة لما تقدم حيث إن ظاهره ان ارسالهما لاعداد الفضيخ كان ابتداء منه وقد نص في الأولين (والآخرين) انه كان بعد سؤال التلاميذ ومنها ما في إنجيل مرقس في الفصل السابع والأربعين أنه قال لبطوس الحق أقول لك انك اليوم في هذه الليلة قبل ان يصيح الديك مرتين تنكر في ثلث مرات وقد ذكر (بعد ذلك وقوع ذلك منه على النحو المذكور وفي الأناجيل الثلاثة الباقية انه لن يصيح الديك حتى تنكر في ثلث مرات وقد ذكر صح) في كل منها تفصيل الانكار والمخالفة بين ما في الأول وفي غيرها واضحة ثم إن بين الثلاثة الأخيرة اختلاف في تفصيل الانكار أيضا ومنها ما في الفصل الثامن والأربعين من إنجيل مرقص ان يسوع اخذ من موضع يدعى جسمانية ونحوه ما في إنجيل متى الا ان فيه ان عيسى عليه السلام جاء مع تلاميذه إلى قرية تدعى جسمانية وقال للتلاميذ اجلسوا هاهنا إلى أن امضى وأصلي هناك إلى اخر ما ذكر وقد ذكر في إنجيل لوقا انه اخذ في جبل الزيتون وفي إنجيل يوحنا انه خرج مع تلاميذه إلى يمين وادي الأردن حيث كان بستان دخل إليه هو وتلاميذه وذكر انهم اخذوه هناك والمنافات بين المذكورات ظاهرة ومنها ما في الفصل الثالث والتسعين من إنجيل متى ان رؤساء الكهنة والكتبة وكل المحفل كانوا يطلبون على يسوع شهادة الزور ليقتلوه فلم يجدوا فجاء شهود زور كثيرون فلم يجدوا خيرا اتى شاهدا زور وقالا هذا قال انني أقدر انقض
(٣٩٠)