الآداب وكيف يرجى ممن لا يشكر نعمة أصل الوجود بطاعة الملك المعبود ان يشكر النعم الصورية مع أن مرجعها إلى رب البرية وان يقيم شعائر الاسلام ويجعل مؤذين وأئمة جماعة في عسكر الاسلام وينصب واعظا عارفا بالفارسية والتركية يبين لهم نقص الدنيا الدنية ويرغبهم في طلب الفوز بالسعادة الأبدية وبسهل عليهم أمر حلول المنية ببيان ان الموت لا بد منه ولا مفر عنه وان موت الشهادة فيه السعادة وان الميت شهيد عند ربه معفو عن إثمه وذنبه ويامرهم بالصلاة والصيام والمحافظة على الطاعة والانقياد للملك العلام وعلى أوقات الصلاة والاجتماع إلى الامام ويضع معلمين يعلمونهم قراءة الصلاة والشكيات والسهويات وسائر العبادات ويعلمهم المحللات والمحرمات حتى يدخلوا في حزب الله الباب الثاني في بيان أقسام الحروب الحرب على ثلثة أقسام دفاع صرف وجهاد متضمن للدفاع وجهاد صرف القسم الأول الدفاع الصرف وحكمه انه إن كان دفاعا صرفا كالدفاع عن النفس أو العرض أو المال جاز في مقام الجواز ووجب في مقام الوجوب مدافعة العدو مسلما كان أو مؤمنا عالما بالموضوع أو جاهلا لعدم علمه باسلام الدافع وايمانه عالما بالحكم أو جاهلا عامدا أو مخطئا قريبا أو بعيدا ولدا أو إما أو أبا على اشكال في الأخير بل في سابقيه بالنسبة إلى الأخير من المدفوع عنه لكن المدفوع إن كان مسلما أو مؤمنا قدم وعظه ونصحه بالكلام اللين ثم الكلام الخشن ان وسع المقام ورجى نفع الكلام ثم إن أدبر وكان مأيوسا من عوده أو صار جريحا قد امن من شره فلا يجوز ان يتبعه ليصل إليه أو يكون (يكرر) الضرب له ليجهز عليه واما الكافر فقد هتك بتجريه على المسلم حرمته ورفع به عصمته وأبطل عهده وأمانه وخرق ذمته القسم الثاني الجهاد المتضمن للدفاع من الأقسام المشتملة على ملاقاة الأبطال من أهل الطغيان والضلال وعلى إقامة الحرب والمبارزة المشتملة على القتل والضرب في الدفع عن بيضة الاسلام أو النفوس أو الاعراض أو الأموال التي حكم الله عليها بالاحترام ففي هذه الأقسام يقاتلون ويقتلون فردا وفردا وهتكت عصمتهم ولم ينفعهم أمانهم وعهدهم وجزيتهم ووجب على المكلفين الحاضر والغائب من جميع المسلمين من غير فرق بين أهل المذاهب ان يشدوا الرحال ويتجهزوا للحرب والقتال ويرخصوا في ذلك النفوس والأموال ان وجدوا باهل الحدود ذلة أو رأوا بالمسلمين قلة وعلى حضرة السلطان أو منصوبه كائنا من كان ان يجد في الطلب ويجمع الناس من عجم وعرب ويجبرهم على القتال والمبارزة مع الأعداء والنزال وعليهم ان يقبلوا عليه ويتسابقوا من سائر الجوانب إليه وينادون بأعلى النداء قائلين له أرواحنا لروحك الفداء ليشتد عزمه ويقوى على محاربة الأعداء جزمه فان الجنود والعساكر وإن كانت ذات عدد متكاثر بمنزلة الفسطاط إذا سقط عمودها هدمت وكما يجب طاعة الرئيس الكبير كذلك يجب طاعة من نصبه على عدد قليل أو كثير فيما يتعلق بالسياسة والتدبير وعليهم ارشاده إذا زاغ عن الصواب ملك طريق الغي والشك والارتياب وعليه ان يجمع شملهم ويسمع قولهم ويستشيرهم في الأمور ويتبسم في وجوههم ويظهر لهم الفرح والسرور الباب الثالث في بيان الشروط قد تقدم بيان أقسام الجهاد وذكرنا انها تقع على وجوه خمسة هي ما يكون لحفظ بيضة الاسلام إذا أراد الكفار الهجوم عليها وما يكون لدفعهم عن بلدان المسلمين وقراهم وأراضيهم واخراجهم منها بعد سلطانهم عليها وما يكون لدفع الملاعين عن التسلط على دماء المسلمين وهتك اعراضهم على نحو ما مر وما يكون لدفعهم عن طائفة من المسلمين التقت مع طائفة من الكفار فخيف من استيلائها عليهم وما يكون لأجل الدعوة إلى الاسلام واقرارهم بشريعة خير الأنام صلى الله عليه وآله ويشترط في القسم الأخير نية التقرب إلى الله تعالى دون باقي الاسلام (الأقسام) مع احتمال اشتراطها في الأقسام الأربعة الباقية لا سيما الأول والرابع ولو قيل بان قصد القربة انما يتوقف عليه زيادة الثواب لم يكن بعيدا ثم الحرب الراجح باقسامه له شروط تشبه شروط الصلاة فمثل الطوب والتفنك والسيف والرمح والسهم ونحوها بمنزلة الطهارة المائية من الوضوء والغسل لا يجوز العدول إلى غيرها الا مع الاضطرار ويستحب فيها أن تكون سالمة من صفات النقص وكلما زادت في الكمال زاد فضلها واجرها كما في الماء والعصي والحجارة ونحوها بمنزلة الطهارة الاضطرارية الترابية يحرم استعمالها مع وجود ما هو بمنزلة الطهارة المائية ودابة الركوب ومكان الحرب بمنزلة مكان المصلي فان الصلاة لا تصح في مكان لا يستقر فيه صاحبه ولا زال يضطرب فلا يجوز في مذهب أهل الرامي ركوب دابة ردية أو الجلوس في مكان منخفض والعدو في مرتفع وهكذا وكذا في اللباس فلباس المصلى من القطن والكتان ولباس الحرب من الحديد وكذا (وكما) في الاستقبال فإنه لا يجوز في الصلاة صرف الوجه عن القبلة كما لا يجوز صرف الوجه عن العدو ويجب استقباله وكذا (وكما) تستحب الصلاة جماعة وكلما كثرت الجماعة وزاد الصفوف كان أفضل كذلك الحال في الحرب فان زيادة صفوف الحرب تبعث على زيادة الاجر وكذا يكره استقبال الحديد والنار في الصلاة كذلك يكره الحرب حال استقبال الريح وهكذا ينبغي للمصلى ان لا يكون متكاسلا ولا متناعسا بل ينبغي ان يكون متوجها لصلوته متحذرا من الشيطان كذلك في الحرب ينبغي ان يكون على حذر من العدوان غير متهاون ولا متكاسل ولا متثاقل ثانيها وهو مشترك بين الجميع البلوغ والعقل والقابلية لنفع وعدم تقوى العدو بحضوره بزعم انه من أوليائهم وعدم تضرر المسلمين بوجوده معهم تضررا بفسخ اعتبار نفعه ولو حصل
(٣٩٥)