فان تك عالما نفعك علمك وان تك جاهلا علموك ولعل الله يظلهم برحمة فتعمك (فتعلمك) معهم فإذا رأيت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم فإنك ان تك عالما لا ينفعك علمك وان تك جاهلا يزيدوك جهلا ولعل الله ان يظلهم بعقوبة فيعمك معهم وعن النبي صلى الله عليه وآله ان الملائكة يمرون على حلق الذكر فيقومون على رؤوسهم فيبكون لبكائهم ويؤمنون على دعائهم إلى أن قال فيقول الله لهم اشهدوا اني قد غفرت لهم وآمنتهم مما يخافون فيقولون ربنا ان فيهم فلانا ولم يذكرك فيقول قد غفرت له بمجالسته لهم فان الذاكرين ممن لا يشقى بهم جليسهم ويتحقق الذكر بذكر أسماء الله تعالى وصفاته الخاصة أو العامة مع إرادة الله منها مفردة أو مركبة مفيدة أو غير مفيدة وبما يرجع إليه من ضمير أو امارة وكذا بكل ما يشتمل على تعظيمه ومنه قول بحول الله وبكل ما فيه مناجاة الله وتكليمه مع إفادة المعنى وذكر بعض حروف الكلمة ليس من الذكر وكذا ما ذكر مقلوبا وما نثرت فيه الحروف نثرا بحيث لا يترتب عليها صوغ الكلمة والظاهر أن المحرم منه لدخوله في الغناء أو فيما أضر الناس أو في خطاب الأجنبيات مع التلذذ لا يعد من الذكر وأسماء العلماء والصلحاء والأنبياء والأوصياء السابقين لا يلحق ذكرهم بالذكر وإن كان راجحا واما أسماء النبي صلى الله عليه وآله والزهراء عليها السلام والأئمة عليهم السلام فلا يبعد فيهما الالحاق لكن الاحتياط ان لا تلحق الا مع الإضافة إلى ذكر الله تعالى فينبغي الاقتصار في ذكرهم في الصلاة على الإضافة أو الادخال في ضمن الدعاء كالصلاة عليهم ونحوها والاخلال ببينة الكلمات مفسد لها في الواجبات والمندوبات من الصلوات ولا يستتبعها في العبادة فساد سواء خرجت عن العربية إلى غيرها من اللغات أو بقيت في الاسم ودخلت في المحرمات واما الاخلال بما يعرض للبنية من اعرابات ونحوها من الأمور الخارجيات فافساده مقصور على الواجبات ويختص فيها دون ما دخلت فيه من العبادات ودون ما كان فيها من المندوبات ويجرى مثلها في الدعوات بخلاف قرائة ما في القران من السور والآيات فان المحافظة فيها على مشهور القرائات من الأمور الواجبات لا المسنونات وروى أنه يكره ان يقال الحمد لله منتهى علمه قال عليه السلام لان علمه ليس له انتهاء بل يقال منتهى رضاه - كتاب الدعاء (والظاهر أن كلا من القراءة والذكر والدعاء ليس من العبادات الخاصة التي يعاقب على فعلها مع الخلو من نية القربة بل مما يتوقف ثوابها على النية الا إذا دخل شئ منها في ضمن عبادة خاصة صح هذه مما وجد في بعض نسخ الأصل والحمد لله) الدعاء مستحب في نفسه عقلا وشرعا والآيات والروايات والاجماع والضرورة شاهدة عليه وفيه معظم الشرف بعد شرف العبودية والخدمة لان الداعي يكون في مقام الخطاب والمناجات والتكلم مع الله تعالى والاستكبار عنه حرام بل مكفر وفسرت في اخبار كثيرة أية ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين بأنهم المستكبرون عن الدعاء والعبادة الدعاء وفي الخبر لو أن عبدا سد فاه ولم يسئل لم يعط شيئا فاسئل تعط وفي اخر من لم يسئل الله من فضله افتقر إلى غير ذلك وللدعاء ثواب مقدر ومقامات وكيفيات فلا بد فيه من بيان أمور يستحب مراعاتها منها المحافظة على العربية فان للدعاء فضلا من جهة اللفظ وهذا مخصوص بالألفاظ العربية ويختلف مراتبه اجرا باختلافه فصاحة وبلاغة وفضلا من جهة المعنى وهذا يستوى فيه اللغات وقد يقال بترجيح بعض اللغات على بعض على نحو ما تقدم في بحث ترجمة القران ومنها الاكثار من الدعاء فقد فسر الأواه في الرواية بالدعاء وفي أخرى سل تعط انه ليس من باب يقرع الا يوشك ان يفتح لصاحبه وفي أخرى ان أمير المؤمنين عليه السلام كان رجلا دعاء وفي أخرى الدعاء ترس المؤمن ومتى تكثر قرع الباب يفتح لك وفي اخبار كثيرة أكثروا من الدعاء ومنها استحباب الدعاء زيادة على غيره من العبادات ففي الاخبار ان أفضل العبادة الدعاء وانه ما من شئ أفضل عند الله تعالى من أن يسئل ويطلب مما عنده وان أحب الأعمال إلى الله تعالى الدعاء وان كثرة الدعاء أفضل من كثرة القراءة ومنها استحباب الدعاء في الحوائج والا ترمى بالاحتقار لقولهم عليهم السلام ان صاحب الصغار هو صاحب الكبار ومنها تسمية الحاجة وإن كان الله تعالى اعلم بها كما في الرواية ومنها كون الدعاء قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فإنهما ساعتا إجابة وغفلة ومنها الدعاء برد البلاء فإنه يرده وقد أبرم ابراما ومنها الدعاء عند الخوف من الأعداء وعند توقع البلاء فإنه يرد البلاء وقد قدر وقضى فلم يبق الا امضائه ويدفع البلاء النازل وغير النازل ويرد القضاء وقد أبرم ابراما ويرد ما يقدر وما لم يقدر وفي الاخبار انه انفذ من سنان الحديد وسلاح المؤمن وسلاح الأنبياء وعمود الدين ونور السماوات والأرض وإذا اشتد الفزع فإلى الله المفزع وخير الدعاء ما صدر من صدر نقى وقلب تقى ومنها التقدم بالدعاء في الرخاء قبل نزول البلاء ففي الاخبار من سره ان يستجاب له في الشدة فليكثر الدعاء في الرخاء تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ومن تقدم في الدعاء استجيب له إذا نزل البلاء وقيل صوت معروف ولم يحجب عن السماء ومن لم يتقدم به لم يستجب له وقالت الملائكة صوت لا نعرفه ومنها الدعاء بعد نزول البلاء ففي الاخبار انه يقصر مدة البلاء ومنها الدعاء عند نزول المرض والسقم روى عنهم عليهم السلام عليك بالدعاء فإنه شفاء من كل داء وأن يقول المريض اللهم اشفني بشفائك وداوني بداؤك وعافني من بلائك فاني عبدك وابن عبدك ومنها رفع اليدين بالدعاء روى أنه التضرع المراد بقوله تعالى وما يتضرعون وان الرغبة ان تبسط يديك وتظهر باطنهما والرهبة ان تظهر ظهرهما والتضرع تحريك لسبابة اليمنى يمينا وشمالا والتبتل تحريك السبابة اليسرى ترفعها (مما وجد إلى السماء صح) وتضعها والابتهال تنبسط يدك وذراعك إلى السماء والابتهال حين ترى أسباب البكاء وإذا سئلت فببطن كفيك وإذا تعوذت فبظهر كفيك وإذا دعوت فبأصبعيك وورد غير ذلك ومنها مسح الوجه والرأس والصدر باليدين عند الفراغ
(٣٠٧)