زيادة قابليته والحاجة إليه الثامن والعشرون انه يجب على كل ذي رياسة في إقامة جنود أو سياسة عساكر أو أمر أو نهي في الرعية على نحو يوافق الشريعة من السلاطين وغيرهم ان يعلم من حسن سيرته انه مأذون من صاحب السلطنة الإلهية الذي نصبه حاكما على الخلق رب البرية صاحب الزمان أطال الله بقائه وجعلني فدائه وعجل فرجه أو من المنصوبين عنه على وجه العموم من المجتهدين الحافظين للشريعة المحمدية التاسع والعشرون ان من علم الاذن له بسبب قابلية كان له منع من عداه من الرياسة فلو ان بعض من لم يكن له قابلية أراد التقدم في أمر الرياسة وليس له قابلية السياسة كان ظالما للمقتول مخلا في النظام باعثا على كسر شوكة الاسلام الثلاثون انه ينبغي للمجاهدين حسن التوكل على الله والاعتماد والوثوق به والاطمينان بقوله تعالى كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة وان لا يعتمدوا على قوتهم وأسلحتهم وكثرتهم وحسن تدبيرهم فان الله حسب من توكل عليه واستند إليه الحادي والثلاثون انه يجب على من قام هذا المقام ورأي انه مطلوب (منصوب) من الامام والعلماء الاعلام ان يحسن سيرته بالعدل في الرعية والقسمة بالسوية وان يساوى شفقته وحسن سيرته من بين العدو والصديق والقرابة والقريب (الغريب) ويتحذر من تلبيس العمال الذين يصورون له صورة الحرام بصورة الحلال وينصرون الظالم على المظلوم يأخذ القليل من المال فما الرعية الا غنم لها صاحب هو الله قد أحال التصرف فيها إلى الأنبياء والأئمة ثم جعلت أمانة في يد الامراء وصاروا رعاتها ولها حساب بعدد معدود فيطلب منهم المحافظة عليها وعلى منافعها من نتاجها وصوفها وألبانها وادهانها وأذنوا لهم بالتصرف ببعض فوائدها على مقدار حاجتهم واخذ عليهم حفظها من الذياب فمتى قصروا في شئ من ذلك استحقوا المؤاخذة من المالك ومن أعظم الذئاب شرار العمال الذين لا يفرقون بين الحرام والحلال الثاني والثلاثون انه ينبغي لرئيس عسكر المسلمين ان يأمرهم بحسن النية والاعتماد على رب البرية والمحافظة على طاعة الله وقراءة التعويذات وآيات الحفظ والدعوات المشتملة على طلب النصرة والظفر من الله وحمل الهياكل والعوذ وتربة سيد الشهداء إلى غير ذلك من الأشياء الثالث والثلاثون ان يرفعوا الأضغان والعداوة فيما بينهم ويكونوا كنفس واحدة ويتناسون ما وقع بينهم من الفتن ويروا أنفسهم كأنهم خلقوا الان من كتم العدم وإذا وقعت بينهم فتنة تداركوها بالاصلاح لئلا يطمع بهم عدوهم الرابع والثلاثون الدعاء عند التقاء الصفين بالمأثور ومنه دعاء النبي صلى الله عليه وآله اللهم منزل الكتاب سريع الحساب مجرى السحاب اهزم الأحزاب يا صريخ المكروبين يا مجيب دعوة المضطرين يا كاشف الكرب العظيم اكشف كربي وغمي فإنك تعلم حالي وحال أصحابي الخامس والثلاثون انه يحرم الفرار عند التقاء الصفوف مع مظنة الظفر بالعدو ومع الشك في ذلك الفصل الرابع في المرابطة الرباط فيه فضل كثير وثواب جزيل روى سلمان عن النبي ان رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه فان مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله (واجري عليه رزقه وامن الفتان صح) وعنه صلى الله عليه و اله ان كل ميت يختم على عمله الا المرابط في سبيل الله فإنه يدوم (ينمو) له عمله إلى يوم القيمة (ويؤمن من فتان القبر صح) وعنه صلى الله عليه وآله عينان لا تمسهم النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله وعنه صلى الله عليه وآله حرس ليلة في سبيل الله أفضل من الف ليلة يقام في ليلها ويصام في نهارها إلى غير ذلك من الاخبار ويختلف مراتبه في الفضل فالمرابط (فالمرابطه) بنفسه وماله وعياله مع عدم الحرب عليهم أفضل الأقسام ثم النفس وحدها ثم المال وحده من العبيد والخيل والإبل ونحوها ثم الاجراء وكلما كان أكثر نفعا أو أكثر عددا أو أعلى وصفا أو أعلى قيمة كان أكثر ثوابا وكل ثغر أكثر خطرا والمجاورون له من الكفار أشد بأسا يكون الرباط منه (فيه) أفضل و كلما اشتد الاحتياج إليه زاد فضله وان توقف عليه حفظ بيضة الاسلام أو نجاة المسلمين وجب كفاية فيجب طاعة الامام مع حضوره والمتولي لمقاتلة الكفار من امراء المسلمين مع التعيين والمرابطة الموظفة لا تنقص عن (من) ثلثه أيام ولا تزيد على أربعين ولكن لو زاد زاد الاجر ولو نقص نقص ولا تدخل الليلة الأولى والأخيرة منهما والمنكسر في البداية يكمل من الغاية وكلما زاد في التفحص عن حال المشركين وكثر به الاخبار عن أحوالهم على المسلمين كان ثوابه أعظم ولو اشترك اثنان أو أكثر في عبد أو دابة تشاركا في الاجر على نسبة السهام ولو ارتفع العدو بطلت المرابطة ولو نقصت عن ثلاثة أيام ولو زاد المرابطون على قدر الحاجة فان ترتب على الزيادة ضرر اقتصر على مقدار الحاجة وفي إعانة المرابطين بالانفاق واعطاء السلاح ثواب المرابطة وقد يزيد فضل المرابطين في زمان الغيبة مع الامراء والحكام لحفظ بيضة الاسلام أو لحفظ دماء المسلمين أو اعراضهم من الكفرة اللئام على المرابطين بل المجاهدين مع الامام لمجرد جلب الكفار إلى الاسلام وينبغي للقائم بتدبير عساكر المسلمين ان يوزعهم على الثغور على وجه يندفع به المحذور ويجب على المرابطين طاعة رئيس المسلمين وإذا احتاج المرابطون إلى ضم بعض الكفار إليهم مع الامن منهم فعلوا ذلك وإذا افتقروا إلى بناء الحصون و أو حفر الخنادق فعل لهم وصرف في ذلك وجه الزكاة والخراج ونحوهما ويشارك الرباط في الثواب وان لم يكن منه الإقامة في مكان لحفظ بعض المسلمين من السراق أو بعض المضار وربما زاد اجره عليه لبعض العوارض ولو الزم نفسه بملزم من نذر أو شبهه برباط مطلق أو مقيد بمدة معينة فذهب العدو وقبل الدخول فيه انحل ولو كان بعد الدخول في المدة انحل فيما بقى ولو استأجر عليه في
(٤٠٩)