سماعة على ذلك. فقد جاء في تفسير قوله تعالى " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره " (1) يعني العمل الصالح وهو الدين، كذلك في قوله تعالى " والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير " (2) أي ثواب، كما جاء إرادة المال وحده في قوله تعالى " وأنه لحب الخير لشديد " (3) وقوله تعالى " إن ترك خيرا الوصية " (4).
وضعف ثاني الشهيدين هذا القول بأن استعمال المشترك في أحد المعنيين مجاز لا يجوز بدون القرينة كاستعماله في المعنيين وهي منتفية في جانب الدين وحده بخلاف المال، وقد ترجح جانبه بالرواية الصحيحة.
ثم قال: والتحقيق أن إطلاق اسم الخير على المعنيين المرادين هنا مجاز لأنه في الشواهد المذكورة إنما استعمل في العمل الصالح والثواب ونفس المال، والمراد هنا الأمانة والقدرة على التكسب، وهما ليسا عملا صالحا ولا ثوابا ولا مالا حقيقة وإنما يكون الكسب سببا في المال، وإطلاق اسم السبب على المسبب مجازا، كما أن إطلاق الأمانة القلبية على الأعمال الصالحة المتبادر منها إرادة أعمال الجوارح والثواب ولا يعرفه إلا الله تعالى مجاز أيضا. وحينئذ فإطلاقه عليهما أو على أحدهما موقوف على النقل وهو موجود في إرادتهما وإرادة الثاني منها دون الأول فكان العمل به متعينا.
وفيه نظر يعلم مما حققناه، حيث إن موثقتي سماعة شاهدتان بالاستحباب مع وجود الأمانة وهي الدين وحده، كما أن صحيحة الحلبي الواردة في خصوص المال وكذلك ما ضاهاها من الأخبار دالة على الاكتفاء به، إلا أنه - قدس سره - لما لم يرجع موثقتي سماعه اقتصر على اشتراط المال وحده في الاستحباب ولم