مولاه وهو يعلم أن ليس له قليل ولا كثير، قال: يكاتبه وإن كان يسأل الناس ولا يمنعه المكاتبة من أجل أنه ليس له مال فإن الله يرزق العباد بعضهم من بعض والمؤمن معان ويقال: المحسن معان ".
ورواه الشيخ من الموثق أيضا عن سماعة (1) وكذلك فقيه الفقيه إلا أنه قال " يرزق العباد بعضهم من بعض والمحسن معان " بدون قوله " والمؤمن معان " فكأن اشتراط المال لتأكيد الاستحباب.
فالقول بالاكتفاء بالمال وحده والدين وحده قوي وأن تأكيد الاستحباب بهما معا، فلا يقال بأن صحيحتي الحلبي وما وافقهما من النصوص في الجانبين متعارضة على وجه لا يمكن الجمع، أو أن المشترطة للدين والمال معا مقدمة لأنها مثبتة والمثبت مقدم، لأن جمعنا ما به بينهما دافع لهذا كله.
وإلى هذا الجمع مال ثاني الشهيدين في المسالك حيث قال: نعم يمكن إثبات أصل الاستحباب بوجود المال عن القدرة على كسبه عملا بالرواية الصحيحة، وبتأكيد الاستحباب مع وجود الوصفين نظرا إلى الخبر الآخر. إلا أن قول المحقق في الشرايع " ولو عدم الأمران كانت مباحة وكذا لو عدم أحدهما " ينافي ذلك، انتهى وهو في محله.
ولو فقد الشرطان معا لم يستحب لعدم المقتضي له، ولكن اختلفوا في إباحته بغير كراهة أو مع الكراهة إلى قولين: (أحدهما) للشيخ في الخلاف وهي الإباحة بلا كراهة (والثاني) في المبسوط، والأقوى الأول لعدم الدليل على الكراهة.
ومفهوم المخالفة في الآية إنما ينفي تأكيد الاستحباب لأصل الإباحة، ولو اتصف بالايمان خاصة لم يستحب عند جماعة لعدم المقتضي له.
وربما قيل بالاستحباب أيضا لاستعمال الخير فيه وحده، ولدلالة موثقة