قوله تعالى: * (قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون) * أي لا يقبل إيمانهم في تلك الحالة، لأن الإيمان المقبول هو الذي يكون في دار الدنيا، ولا ينظرون، أي لا يمهلون بالإعادة إلى الدنيا ليؤمنوا فيقبل إيمانهم، ثم لما بين المسائل وأتقن الدلائل ولم ينفعهم. قال تعالى: * (فأعرض عنهم) * أي لا تناظرهم بعد ذلك وإنما الطريق بعد هذا القتال. وقوله: * (وانتظر إنهم منتظرون) * يحتمل وجوها أحدها: وانتظر هلاكهم فإنهم ينتظرون هلاكك، وعلى هذا فرق بين الانتظارين، لأن انتظار النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله تعالى بعد وعده وانتظارهم بتسويل أنفسهم والتعويل على الشيطان وثانيها: وانتظر النصر من الله فإنهم ينتظرون النصر من آلهتهم وفرق بين الانتظارين وثالثها: وانتظر عذابهم بنفسك فإنهم ينتظرونه بلفظهم استهزاء، كما قالوا: * (فأتنا بما تعدنا) * (الأعراف: 70) وقالوا * (متى هذا الوعد إن كنتم صادقين) * (النمل: 71) إلى غير ذلك، والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب، والحمد لله رب العالمين وصلاته على سيد المرسلين محمد النبي وآله وصحبه أجمعين، وعلى أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين.
(١٨٨)