تفسير الرازي - الرازي - ج ١٠ - الصفحة ١٤٣
اعلم أنه تعالى لما أمر الرعاة والولاة بالعدل في الرعية أمر الرعية بطاعة الولاة فقال: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله) * ولهذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: حق على الامام أن يحكم بما أنزل الله ويؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحق على الرعية أن يسمعوا ويطيعوا. وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: قالت المعتزلة: الطاعة موافقة الإرادة، وقال أصحابنا: الطاعة موافقة الأمر لا موافقة الإرادة. لنا أنه لا نزاع في أن موافقة الأمر طاعة، إنما النزاع أن المأمور به هل يجب أن يكون مرادا أم لا؟ فإذا دللنا على أن المأمور به قد لا يكون مرادا ثبت حينئذ أن الطاعة ليست عبارة عن موافقة الإرادة، وإنما قلنا إن الله قد يأمر بما لا يريد لأن علم الله وخبره قد تعلقا بأن الايمان لا يوجد من أبي لهب البتة، وهذا العلم وهذا الخبر يمتنع زوالهما وانقلابهما جهلا، ووجود الايمان مضاد ومناف لهذا العلم ولهذا الخبر، والجمع بين الضدين محال، فكان صدور الايمان من أبي لهب محالا. والله تعالى عالم بكل هذه الأحوال فيكون عالما بكونه محالا، والعالم بكون الشيء محالا لا يكون مريدا له، فثبت أنه تعالى غير مريد للايمان من أبي لهب وقد أمره بالايمان فثبت أن الأمر قد يوجد بدون الإرادة، وإذا ثبت هذا وجب القطع بأن طاعة الله عبارة عن موافقة أمره لا عن موافقة إرادته، وأما المعتزلة فقد احتجوا على أن الطاعة اسم لموافقة الإرادة بقول الشاعر: رب من أنضجت غيظا صدره قد تمنى لي موتا لم يطع رتب الطاعة على التمني وهو من جنس الإرادة.
والجواب: أن العاقل عالم بأن الدليل القاطع الذي ذكرناه لا يليق معارضته بمثل هذه الحجة الركيكة.
المسألة الثانية: اعلم أن هذه الآية آية شريفة مشتملة على أكثر علم أصول الفقه، وذلك لأن الفقهاء زعموا أن أصول الشريعة أربع: الكتاب والسنة والاجماع والقياس، وهذه الآية مشتملة على تقرير هذه الأصول الأربعة بهذا الترتيب. أما الكتاب والسنة فقد وقعت الإشارة إليهما بقوله: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) *.
فان قيل: أليس أن طاعة الرسول هي طاعة الله، فما معنى هذا العطف؟
قلنا: قال القاضي: الفائدة في ذلك بيان الدلالتين، فالكتاب يدل على أمر الله، ثم نعلم منه أمر الرسول لا محالة، والسنة تدل على أمر الرسول، ثم نعلم منه أمر الله لا محالة، فثبت بما ذكرنا أن قوله: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) * يدل على وجوب متابعة الكتاب والسنة.
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (إنما التوبة على الله) الآية 2
2 قوله تعالى (وليست التوبة للذين يعملون السيئات) 6
3 قوله تعالى (حتى إذا حضر أحدهم الموت) 7
4 قوله تعالى (ولا الذين يموتون وهم كفار) 8
5 قوله تعالى (أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما) 9
6 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم) الآية 10
7 قوله تعالى (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) 11
8 قوله تعالى (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) 12
9 قوله تعالى (وإن أردتم استبدال زوج) 13
10 قوله تعالى (أتأخذونه بهتانا) الآية 14
11 قوله تعالى (وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم) الآية 15
12 قوله تعالى (وأخذن منكم ميثاقا غليظا) 16
13 قوله تعالى (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) 17
14 قوله تعالى (حرمت عليكم أمهاتكم) الآية 24
15 قوله تعالى (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) 29
16 قوله تعالى (وأمهات نسائكم) 31
17 قوله تعالى (وربائبكم اللاتي في حجوركم) 32
18 قوله تعالى (وحلائل أبنائكم) الآية 34
19 قوله تعالى (وأن تجمعوا بين الأختين) 35
20 قوله تعالى (والمحصنات من النساء) الآية 38
21 قوله تعالى (وأحل لكم ما وراء ذلكم) 42
22 قوله تعالى (أن تبتغوا بأموالكم محصنين) 45
23 قوله تعالى (فما استمتعتم به منهن) الآية 48
24 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم) 54
25 قوله تعالى (ومن لم يستطع منكم طولا) 55
26 قوله تعالى (فمما ملكت أيمانكم) الآية 59
27 قوله تعالى (بعضكم من بعض) الآية 60
28 قوله تعالى (فانكحوهن باذن أهلهن) 61
29 قوله تعالى (وآتوهن أجورهن بالمعروف) 62
30 قوله تعالى (فإذا أحصن) الآية 63
31 قوله تعالى (يريد الله ليبين لكم) الآية 65
32 قوله تعالى (والله يريد أن يتوب عليكم) 67
33 قوله تعالى (يريد الله أن يخفف عنكم) 68
34 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) الآية 69
35 قوله تعالى (إلا أن تكون تجارة) الآية 70
36 قوله تعالى (ومن يفعل ذلك عدوانا) 72
37 قوله تعالى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه 73 قوله تعالى (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم) 79
38 قوله تعالى (للرجال نصيب مما اكتسبوا) 82
39 قوله تعالى (ولكل جعلنا موالي) الآية 83
40 قوله تعالى (والذين عقدت أيمانكم 84
41 قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء) 87
42 قوله تعالى (واللاتي تخافون نشوزهن) 89
43 قوله تعالى (وإن خفتم شقاق بينهما) الآية 91
44 قوله تعالى (واعبدوا الله ولا تشركوا به) 94
45 قوله تعالى (وبذي القربى) الآية 95
46 قوله تعالى (والصاحب بالجنب) الآية 96
47 قوله تعالى (وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) 97
48 قوله تعالى (الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل) الآية 98
49 قوله تعالى (والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس) 99
50 قوله تعالى (وماذا عليهم لو آمنوا بالله) 100
51 قوله تعالى (إن الله لا يظلم مثقال ذرة) 101
52 قوله تعالى (وإن تك حسنة يضاعفها) 103
53 قوله تعالى (فكيف إذا جئنا من كل بشهيد) الآية 105
54 قوله تعالى (ولا يكتمون الله حديثا) 106
55 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) الآية 107
56 قوله تعالى (وإن كنتم مرضى أو على سفر) 111
57 قوله تعالى (أو لامستم النساء) الآية 112
58 قوله تعالى (فتيمموا صعيدا طيبا) الآية 113
59 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) الآية 114
60 قوله تعالى (من الذين هادوا يحرفون الكلم) 116
61 قوله تعالى (وراعنا ليا بألسنتهم) الآية 118
62 قوله تعالى (فلا يؤمنون إلا قليلا) 119
63 قوله تعالى (يا أيها الذين أوتوا الكتاب) 120
64 قوله تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به) 123
65 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم) 126
66 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت) 127
67 قوله تعالى (أم لهم نصيب من الملك) 129
68 قوله تعالى (فإذا لا يؤتون الناس نقيرا) 131
69 قوله تعالى (أم يحسدون الناس) الآية 132
70 قوله تعالى (إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا) الآية 134
71 قوله تعالى (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات) الآية 136
72 قوله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) الآية 137
73 قوله تعالى (وإذا حكمتم بين الناس) 140
74 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) الآية 142
75 قوله تعالى (فإن تنازعتم في شئ) الآية 146
76 قوله تعالى (ذلك خير وأحسن تأويلا) 152
77 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين يزعمون) 153
78 قوله تعالى (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله) الآية 155
79 قوله تعالى (فكيف إذا أصابتهم مصيبة) 156
80 قوله تعالى (فأعرض عنهم وعظهم) 158
81 قوله تعالى (وما أرسلناه من رسول إلا ليطاع باذن الله) الآية 159
82 قوله تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم) 161
83 قوله تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك) الآية 163
84 قوله تعالى (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا) 165
85 قوله تعالى (ولو أنا كتبنا عليهم) الآية 166
86 قوله تعالى (وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما) الآية 168
87 قوله تعالى (ومن يطع الله والرسول) 169
88 قوله تعالى (ذلك الفضل من الله) الآية 175
89 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) الآية 176
90 قوله تعالى (وإن منكم لمن ليبطئن) الآية 177
91 قوله تعالى (فإن أصابتكم مصيبة) الآية 179
92 قوله تعالى (ولئن أصابكم فضل من الله) 179
93 قوله تعالى (فليقاتل في سبيل الله) الآية 180
94 قوله تعالى (وما لكم لا تقاتلون) الآية 181
95 قوله تعالى (الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله) الآية 183
96 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) الآية 184
97 قوله تعالى (قل متاع الدنيا قليل) الآية 186
98 قوله تعالى (أينما تكونوا يدرككم الموت) 187
99 قوله تعالى (وإن تصبهم حسنة) 188
100 قوله تعالى (فما هؤلاء القوم) الآية 189
101 قوله تعالى (ما أصابكم في حسنة فمن الله) 190
102 قوله تعالى (من يطع الرسول فقد أطاع الله) 193
103 قوله تعالى (ويقولون طاعة) الآية 194
104 قوله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن) الآية 196
105 قوله تعالى (وإذا جاءهم أمر من الامن) 198
106 قوله تعالى (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) 200
107 قوله تعالى (ولو لا فضل الله عليكم) الآية 202
108 قوله تعالى (فقاتل في سبيل الله) الآية 203
109 قوله تعالى (عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا) الآية 204
110 قوله تعالى (من يشفع شفاعة حسنة 205
111 قوله تعالى (ومن يشفع شفاعة سيئة) 207
112 قوله تعالى (وإذا حييتم بتحية) الآية 208
113 قوله تعالى (إن الله كان على كل شئ حسيبا) 215
114 قوله تعالى (الله لا إله إلا هو ليجمعنكم) 216
115 قوله تعالى (فما لكم في المنافقين فئتين) 218
116 قوله تعالى (ودوا لو تكفرون) الآية 220
117 قوله تعالى (أو جاؤكم حصرت صدورهم) 223
118 قوله تعالى (ستجدون آخرين يريدون) 225
119 قوله تعالى (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا) 226
120 قوله تعالى (ومن قتل مؤمنا خطأ) الآية 229
121 قوله تعالى (فإن كان من قوم عدو لكم) 234
122 قوله تعالى (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق) 235
123 قوله تعالى (فمن لم يجد فصيام شهرين) 236
124 قوله تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا) 237