والسابع: أنه وفى بتبليغ هذه الآيات، وهي: " ألا تزر وازرة وزر أخرى " وما بعدها، وهذا مروى عن عكرمة، ومجاهد، والنخعي.
والثامن: وفي شأن المناسك، قاله الضحاك.
والتاسع: أنه عاهد أن لا يسأل مخلوقا شيئا، فلما قذف في النار قال له جبريل، ألك حاجة؟
فقال: أما إليك فلا، فوفى بما عاهد، ذكره عطاء بن السائب.
العاشر: أنه أدى الأمانة، قاله سفيان بن عيينة.
ثم بين ما في صحفهما فقال: (ألا تزر وازرة وزر أخرى) أي: لا تحمل نفس حاملة حمل أخرى، والمعنى: لا تؤخذ بإثم غيرها.
(وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) قال الزجاج: هذا في صحفهما أيضا ومعناه: ليس للإنسان إلا جزاء سعيه، إن عمل خيرا جزي عليه خيرا، وإن عمل شرا جزي شرا. واختلف العلماء في هذه الآية على ثمانية أقوال:
أحدها: أنها منسوخة بقوله: (وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان) فأدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء، قاله ابن عباس، ولا يصح، لأن لفظ الآيتين لفظ خبر، والأخبار لا تنسخ.
والثاني: أن ذلك كان لقوم إبراهيم وموسى، وأما هذه الأمة فلهم ما سعوا وما سعى غيرهم، قاله عكرمة، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة التي سألته: إن أبي مات ولم يحج، فقال: " حجي عنه ".
والثالث: أن المراد بالإنسان ها هنا: الكافر، فأما المؤمن، فله ما سعى وما سعي له، قاله الربيع بن أنس.
والرابع: أنه ليس للإنسان إلا ما سعى من طريق العدل، فأما من باب الفضل، فجائز أن يزيده الله عز وجل ما يشاء، قاله الحسين بن الفضل.
والخامس: أن معنى " ما سعى ": ما نوى، قاله أبو بكر الوراق.
والسادس: ليس للكافر من الخير إلى ما عمله في الدنيا، فيثاب عليه فيها حتى لا يبقى له في الآخرة خير، ذكره الثعلبي.
والسابع: أن اللام بمعنى " على "، فتقديره: ليس على الإنسان إلا ما سعى.
والثامن: أنه ليس له إلا سعيه، غير أن الأسباب مختلفة، فتارة يكون سعيه في تحصيل قرابة وولد يترحم عليه وصديق، وتارة يسعى في خدمة الدين والعبادة، فيكتسب محبة أهل الدين،