قوله تعالى: (وفي أموالهم حق) أي: نصيب، وفيه قولان:
أحدهما: أنه ما يصلون به رحما، أو يقرون به ضيفا، أو يحملون به كلا، أو يعينون به محروما، وليس بالزكاة، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه الزكاة، قاله قتادة، وابن سيرين. قوله تعالى: (للسائل) وهو الطالب. وفي " المحروم " ثمانية أقوال:
أحدها: أنه الذي ليس له سهم في فئ المسلمين، وهو المحارف، قاله ابن عباس. وقال إبراهيم: هو الذي لا سهم له في الغنيمة.
والثاني: أنه الذي لا ينمى له شيء، قاله مجاهد، وكذلك قال عطاء: هو المحروم في الرزق والتجارة.
والثالث: أنه المسلم الفقير، قاله محمد بن علي.
والرابع: أنه المتعفف الذي لا يسأل شيئا، قاله قتادة، والزهري.
والخامس: أنه الذي يجئ بعد الغنيمة، وليس له فيها سهم، قاله الحسن بن محمد ابن الحنفية.
والسادس: أنه المصاب ثمرته وزرعه أو نسل ماشيته، قاله ابن زيد.
والسابع: أنه المملوك، حكاه الماوردي.
والثامن: أنه الكلب، روي عن عمر بن عبد العزيز، وكان الشعبي يقول: أعياني أن أعلم ما المحروم. وأظهر الأقوال قول قتادة والزهري، لأنه قرنه بالسائل، والمتعفف لا يسأل - ولا يكاد الناس يعطون من لا يسأل - ثم يتحفظ بالتعفف من ظهور أثر الفاقة عليه، فيكون محروما من قبل نفسه حين لم يسأل ومن قبل الناس حين لا يعطونه، وإنما يفطن له متيقظ. وقد ذكر المفسرون أن هذه الآية منسوخة بآية الزكاة، ولا يصح.
قوله تعالى: (وفي الأرض آيات) كالجبال والأنهار والأشجار والثمار وغير ذلك (للموقنين) بالله عز وجل الذين يعرفونه بصنعه.
(وفي أنفسكم) آيات إذ كنتم نطفا ثم عظاما، ثم علقا، ثم مضغا إلى غير ذلك من أحوال الاختلاف، ثم اختلاف الصور والألوان والطبائع، وتقويم الأدوات، والسمع والبصر والعقل، وتسهيل سبيل الحدث، إلى غير ذلك من العجائب المودعة في ابن آدم. وتم الكلام عند قوله:
" وفي أنفسكم "، ثم قال: (أفلا تبصرون) قال مقاتل: أفلا تبصرون كيف خلقكم فتعرفوا قدرته على البعث.