محيص؟! وقال الزجاج: " نقبوا ": طوقوا وفتشوا، فلم تروا محيصا من الموت. قال امرؤ القيس:
لقد نقبت في الآفاق حتى * رضيت من الغنيمة بالإياب فأما المحيص فهو المعدل، وقد استوفينا شرحه في سورة النساء.
قوله تعالى: (إن في ذلك) يعني الذي ذكره من إهلاك القرى (لذكرى) أي: تذكرة وعظة (لمن كان له قلب) قال ابن عباس: أي: عقل. قال الفراء: وهذا جائز في اللغة أن تقول: ما لك قلب، وما معك قلبك، تريد العقل. وقال ابن قتيبة: لما كان القلب موضعا للعقل كنى به عنه. وقال الزجاج: المعنى: لمن صرف قلبه إلى التفهم (أو ألقى السمع) أي:
استمع مني (وهو شهيد) أي: وقلبه فيما يسمع. وقال الفراء: " وهو شهيد " أي: شاهد ليس بغائب.
قوله تعالى: (ولقد خلقنا السماوات والأرض) ذكر المفسرون أن اليهود قالت: خلق الله السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، آخرها يوم الجمعة، واستراح يوم السبت، فلذلك لا نعمل فيه شيئا، فنزلت هذه الآيات، فأكذبهم الله عز وجل بقوله: (وما مسنا من لغوب). قال الزجاج: واللغوب: التعب والإعياء.
قوله تعالى: (فاصبر على ما يقولون) أي: من بهتهم وكذبهم. قال المفسرون: ونسخ معنى قوله: " فاصبر " بآية السيف (وسبح بحمد ربك) أي: صل بالثناء على ربك والتنزيه له مما يقول المبطلون (قبل طلوع الشمس) وهي صلاة الفجر. (وقبل الغروب) فيها قولان:
أحدهما: صلاة الظهر والعصر، قاله ابن عباس.
والثاني: صلاة العصر، قالة قتادة. وروى البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث جرير بن عبد الله، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر، فقال: " إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فافعلوا " وقرأ: " فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ".
قوله تعالى: (ومن الليل فسبحه) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها صلاة الليل كله، أي وقت صلى منه، قاله مجاهد.
والثاني: صلاة العشاء، قاله ابن زيد.
والثالث: صلاة المغرب والعشاء، قاله مقاتل.