والثاني: بالحق من أمر الآخرة، فأبانت للانسان ما لم يكن بينا له من أمر الآخرة. ذكر الوجهين الفراء، وابن جرير.
وقرأ أبو بكر الصديق رضي الله عنه: " وجاءت سكرة الحق بالموت "، قال ابن جرير:
ولهذه القراءة وجهان.
أحدهما: أن يكون الحق هو الله تعالى، فيكون المعنى: وجاءت سكرة الله بالموت.
والثاني: أن تكون السكرة هي الموت، أضيفت إلى نفسها، كقوله: (هذا لهو حق اليقين)، فيكون المعنى: وجاءت السكرة الحق بالموت، بتقديم " الحق ". وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران: " وجاءت سكرات " على الجمع " الحق بالموت " بتقديم " الحق ". وقرأ أبي بن كعب، وسعيد بن جبير: " وجاءت سكرات الموت " على الجمع " بالحق " بتأخير " الحق ".
قوله تعالى: (ذلك) أي: فيقال للانسان حينئذ: " ذلك " أي: ذلك الموت (ما كنت منه تحيد) أي: تهرب وتفر. وقال ابن عباس: تكره.
قوله تعالى: " ونفخ في الصور) يعني نفخة البعث (ذلك) اليوم (يوم الوعيد) أي: يوم وقوع الوعيد.
قوله تعالى ذلك: (معها سائق) فيه قولان:
أحدهما: أن السائق: ملك يسوقها إلى محشرها، قاله أبو هريرة.
والثاني: أنه قرينها من الشياطين، سمي سائقا، لأنه يتبعها وإن لم يحثها. وفي الشهيد ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه ملك يشهد عليها بعملها، قاله عثمان بن عفان، والحسن. وقال مجاهد:
الملكان: سائق، وشهيد. وقال ابن السائب: السائق: الذي كان يكتب عليه السيئات، والشهيد: الذي كان يكتب الحسنات.
والثاني: أنه العمل يشهد على الإنسان، قاله أبو هريرة.
والثالث: الأيدي والأرجل تشهد عليه بعمله، قاله الضحاك.
وهل هذه الآيات عامة، أم خاصة؟ فيها قولان. أحدهما: أنها عامة، قاله الجمهور.
والثاني: خاصة في الكافر، قاله الضحاك، ومقاتل.