وقرأ عثمان بن عفان، وابن عمر، ومجاهد، وعكرمة، وابن محيصن: " يوعدون " بالياء (لكل أواب) وفيه أقوال قد ذكرناها في بني إسرائيل. وفي (حفيظ) قولان:
أحدهما: الحافظ لذنوبه حتى يرجع عنها، قاله ابن عباس.
والثاني: الحافظ لأمر الله تعالى، قاله مقاتل.
قوله تعالى: (من خشي الرحمن بالغيب) قد بيناه في الأنبياء (وجاء بقلب منيب) أي: راجع إلى طاعة الله عن معصيته.
(ادخلوها) أي: يقال لهم: أدخلوا الجنة (بسلام) وذلك أنهم سلموا من عذاب الله، وسلموا فيها من الغموم والتغير والزوال، وسلم الله وملائكته عليهم (ذلك يوم الخلود) في الجنة، لأنه لا موت فيها ولا زوال.
(لهم ما يشاؤون فيها) وذلك أنهم يسألون الله حتى تنتهي مسائلهم، فيعطون ما شاؤوا، ثم يزيدهم ما لم يسألوا، فذلك قوله: (ولدينا مزيد). وللمفسرين في المراد بهذا المزيد ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه النظر إلى الله عزل وجل، روى علي رضي الله عنه عن النبي عليه السلام في قوله: " ولدينا مزيد " قال: " يتجلى لهم ". وقال أنس بن مالك في قوله: " ولدينا مزيد ": يتجلى لهم الرب تعالى في كل جمعة.
والثاني: أن السحاب يمر بأهل الجنة، فيمطرهم الحور، فتقول الحور: نحن اللواتي قال الله عزل وجل: " ولدينا مزيد "، حكاه الزجاج.
والثالث: أن الزيادة على ما تمنوه وسألوا مما لم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر، ذكره أبول سليمان الدمشقي.
ثم خوف كفار مكة بما بعد هذا إلى قوله: (فنقبوا في البلاد) قرأ الجمهور " فنقبوا " بفتح النون والقاف مع تشديدها. وقرأ أبي بن كعب، وابن عباس، والحسن، وابن السميفع، ويحيى ابن يعمر كذلك، إلا أنهم كسروا القاف على جهة الأمر تهددا. وقرأ عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، وقتادة، وابن أبي عبلة، وعبيدة عن أبي عمر: " فنقبوا " بفتح القاف وتخفيفها. قال الفراء: ومعنى " فنقبوا ": ساروا في البلاد، فهل كان لهم من الموت (من محيص) فأضمرت " كان " ها هنا، كقوله: (أهلكناهم فلا ناصر لهم) أي: فلم يكن لهم ناصر. ومن قرأ " فنقبوا " بكسر القاف، فإنه كالوعيد، والمعنى: اذهبوا في البلاد وجيئوا فهل من الموت من