اختلاف الليل والنهار (وما لهم بذلك من علم) أي: ما قالوه عن علم، إنما قالوه شاكين فيه.
ومن أجل هذا قال نبينا عليه الصلاة والسلام: " لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر "، أي: هو الذي يهلككم، لا ما تتوهمونه من مرور الزمان. وما بعد هذا ظاهر، وقد تقدم بيانه إلى قوله:
(يخسر المبطلون) يعني المكذبين الكافرين أصحاب الأباطيل، والمعنى: يظهر خسرانهم يومئذ.
(وترى كل أمة) قال الفراء، ترى أهل كل دين (جاثية) قال الزجاج: أي: جالسة على الركب، يقال: قد جثا فلان جثوا: إذا جلس على ركبتيه، ومثله: جذا يجذو. والجذو أشد استيفازا من الجثو، لأن الجذور: أن يجلس صاحبه على أطراف أصابعه. قال ابن قتيبة: والمعنى أنها غير مطمئنة.
قوله تعالى: (كل أمة تدعى إلى كتابها) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه كتابها الذي فيه حسناتها وسيئاتها، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أنه حسابها، قاله الشعبي، والفراء: وابن قتيبة.
والثالث: كتابها الذي أنزل على رسوله، حكاه الماوردي.
ويقال لهم: (اليوم تجزون ما كنتم تعملون).
(هذا كتابنا) وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه كتاب الأعمال الذي تكتبه الحفظة، قاله ابن السائب.
والثاني: اللوح المحفوظ، قاله مقاتل.
والثالث: القرآن، والمعنى أنهم يقرؤونه فيدلهم ويذكرهم، فكأنه ينطق عليهم، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى: (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) أي: نأمر الملائكة بنسخ أعمالكم، أي بكتبها وإثباتها. وأكثر المفسرين على أن هذا الاستنساخ، من اللوح المحفوظ، تستنسخ الملائكة كل عام ما يكون من أعمال بني آدم، فيجدون ذلك موافقا ما يعملونه. قالوا: والاستنساخ لا يكون إلا من أصل. قال الفراء: يرفع الملكان العمل كله، فيثبت الله منه ما فيه ثواب أو عقاب، ويطرح منه اللغو. وقال الزجاج: نستنسخ ما تكتبه الحفظة، ويثبت عند الله عز وجل.
قوله تعالى: (في رحمته) قال مقاتل: في جنته.
قوله تعالى: (أفلم تكن آياتي) فيه إضمار، تقديره: فيقال لهم ألم تكن آياتي، يعني آيات القرآن (تتلى عليكم فاستكبرتم) عن الإيمان بها (وكنتم قوما مجرمين؟!) قال ابن عباس:
كافرين.