الله)، وقوله: (فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل). نزلتا بالمدينة. وقد تقدم تفسير فاتحتها إلى قوله: (وأجل مسمى) وهو أجل فناء السماوات والأرض، وهو يوم القيامة.
قوله تعالى: (قل أرأيتم) مفسر في فاطر إلى قوله: (إيتوني بكتاب)، وفي الآية اختصار، تقديره: فإن ادعوا أن شيئا من المخلوقات صنعة آلهتهم، فقل لهم: إيتوني بكتاب (من قبل هذا) أي: من قبل القرآن فيه برهان ما تدعون من أن الأصنام شركاء الله، (أو أثارة من علم) وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الشيء يثيره مستخرجه، قاله الحسن.
والثاني: بقية من علم تؤثر عن الأولين، قاله ابن قتيبة، وإلى نحوه ذهب الفراء، وأبو عبيدة.
والثالث: علامة من علم، قاله الزجاج.
وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين، وأيوب السختياني، ويعقوب: " أثرة " بفتح الثاء، مثل شجرة.
ثم ذكروا في معناها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الخط، قاله ابن عباس، وقال: هو خط كانت العرب تخطه في الأرض، قال أبو بكر بن عياش: الخط هو العيافة.
والثاني: أو علم تأثرونه عن غيركم، قاله مجاهد.
والثالث: خاصة من علم، قاله قتادة.
وقرأ أبي بن كعب، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، وقتادة، والضحاك، وابن يعمر:
" أثرة " بسكون الثاء من غير ألف بوزن نظرة.
وقال الفراء: قرئت " أثارة " و " أثره " وهي لغات، ومعنى الكل: بقية من علم، ويقال: أو شيء مأثور من كتب الأولين، فمن قرأ " أثارة " فهو المصدر، مثل قولك: السماحة والشجاعة، ومن قرأ " أثرة " فإنه بناه على الأثر، كما قيل: قترة، ومن قرأ " أثرة " فكأنه أراد مثل قوله: " الخطفة " و " الرجفة ".
وقال اليزيدي: الأثارة: البقية، والأثرة، مصدر أثره يأثره، أي: يذكره ويرويه، ومنه: حديث مأثور.