والثالث: أنه قوله: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا)، قاله أبو صالح.
قوله تعالى: (ليجزي قوما) وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي: " لنجزي " بالنون " قوما " يعني الكفار، فكأنه قال: لا تكافئوهم أنتم لنكافئهم نحن.
وما بعد هذا قد سبق إلى قوله: (ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب) يعني التوراة (والحكم) وهو الفهم في الكتاب، (ورزقناهم من الطيبات) يعني المن والسلوى (وفضلناهم على العالمين) أي: عالمي زمانهم.
(وآتيناهم بينات من الأمر) فيه قولان:
أحدهما: بيان الحلال والحرام، قاله السدي.
والثاني: العلم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم وشواهد نبوته، ذكره الماوردي.
وما بعد هذا قد تقدم بيانه إلى قوله: (ثم جعلناك على شريعة من الأمر) سبب نزولها أن رؤساء قريش دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملة آبائه، فنزلت هذه الآية، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
فأما قوله: (على شريعة) فقال ابن قتيبة: أي على ملة ومذهب، ومنه يقال: شرع فلان في كذا: إذا أخذ فيه، ومنه " مشارع الماء " وهي الفرض التي شرع فيها الوارد.
قال المفسرين: ثم جعلناك بعد موسى على طريقة من الأمر، أي: من الدين (فابتعها).
و (الذين لا يعلمون) كفار قريش.
(إنهم لن يغنوا عنك) أي: لن يدفعوا عنك عذاب الله إن اتبعتهم، (وإن الظالمين) يعني المشركين. (والله ولي المتقين) الشرك. والآية التي بعدها مفسرة في آخر الأعراف.
(أم حسب الذين اجترحوا السيئات) سبب نزولها أن كفار مكة قالوا للمؤمنين: إنا نعطى في الآخرة مثلما تعطون من الأجر، قاله مقاتل. والاستفهام هاهنا استفهام إنكار. و " اجترحوا " بمعنى اكتسبوا.
(سواء محياهم ومماتهم) قرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم، وزيد عن يعقوب:
" سواء " نصبا، وقرأ الباقون: بالرفع. فمن رفع، فعلى الابتداء، ومن نصب، جعله مفعولا ثانيا، على تقدير: أن نجعل محياهم ومماتهم سواء، والمعنى: إن هؤلاء يحيون مؤمنين ويموتون مؤمنين، وهؤلاء يحيون كافرين ويموتون كافرين، وشتان ما هم في الحال والمال (ساء ما