عبيدة السلماني أن رجلا من بني إسرائيل كان له ذو قرابة وهو وارثه، فقتله ليرثه، ثم ذهب فألقاه على باب قوم آخرين - وذكر قصة البقرة وذكر بعدها فلم يورث بعدها قاتل.
وقد اختلف في ميراث القاتل، وروي عن عمر وعلي وابن عباس وسعيد بن المسيب أنه لا ميراث له سواء كان القتل عمدا أو خطأ، وأنه لا يرث من دينه ولا من سائر ماله. وهو قول أبي حنيفة والثوري وأبي يوسف ومحمد وزفر. إلا أن أصحابنا قالوا: إن كان القاتل صبيا أو مجنونا ورث. وقال عثمان البتي: قاتل الخطأ يرث دون قاتل العمد. وقال ابن شبرمة: لا يرث قاتل الخطأ. وقال ابن وهب عن مالك: لا يرث القاتل عمدا من دية من قتل شيئا ولا من ماله، وإن قتله خطأ ورث من ماله ولم يرث من دينه. وروي مثله عن الحسن ومجاهد والزهري، وهو قول الأوزاعي. وقال المزني عن الشافعي: إذا قتل الباغي العادل أو العادل الباغي لا يتوارثان لأنهما قاتلان.
قال أبو بكر: لم يختلف الفقهاء في أن قاتل العمد لا يرث المقتول إذا كان بالغا عاقلا بغير حق، واختلف في قاتل الخطأ على الوجوه التي ذكرنا، وقد حدثنا عبد الباقي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عنبسة بن لقيط الضبي قال: حدثنا علي بن حجر قال:
حدثنا إسماعيل بن عياش عن ابن جريج والمثنى ويحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس للقاتل من الميراث شئ).
وحدثنا عبد الباقي قال: حدثنا موسى بن زكريا التستري قال: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا حفص بن غياث عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب عن النبي عليه السلام قال: (ليس للقاتل شئ).
وروي الليث عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (القاتل لا يرث).
وروي يزيد بن هارون قال: حدثنا محمد بن راشد عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (القاتل عمدا لا يرث من أخيه ولا من ذي قرابته شيئا ويرث أقرب الناس إليه نسبا بعد القاتل).
وروى حصن بن ميسرة قال: حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن عدي الجذامي قال:
قلت: يا رسول الله كانت لي امرأتان فاقتتلنا فرميت أحديهما؟ فقال: (اعقلها ولا ترثها).
فثبت بهذه الأخبار حرمان القاتل ميراثه من سائر مال المقتول، وأنه لا فرق في ذلك بين العامد والمخطئ لعموم لفظ النبي عليه السلام فيه. وقد استعمل الفقهاء هذا الخبر وتلقوه بالقبول فجرى مجرى التواتر كقوله عليه السلام: (لا وصية لوارث) وقوله: