واستدلوا بذلك على أن مدة الحيض تسمى أياما وأقلها ثلاثة وأكثرها عشرة، لأن ما دون الثلاثة يقال يوم أو يومان وما زاد على العشرة يقال فيه أحد عشر يوما، وإنما يتناول هذا الاسم ما بين الثلاثة إلى العشرة، فدل ذلك على مقدار أقله وأكثره، فمن الناس من يعترض على هذا الاستدلال بقوله: (أياما معدودات)، وهي أيام الشهر، وقوله (إلا أياما معدودة) وقد قيل فيه أربعون يوما. وهذا عندنا لا يقدح في استدلالهم، لأن قوله تعالى (أياما معدودات) [البقرة: 184] جائز أن يريد به أياما قليلة كقوله (دراهم معدودة) [يسوف: 42] يعني قليلة، ولم يرد به تحديد العدد وتوقيت مقداره، وإنما المراد به أنه لم يفرض عليهم من الصوم ما يشتد ويصعب. ويحتمل أن يريد به وقتا مبهما كقولهم: أيام بني أمية، وأيام الحجاج، ولا يراد به تحديد الأيام وإنما المراد به زمان ملكهم وقوله عليه السلام: (دعي الصلاة أيام أقرائك) قد أريد به لا محالة تحديد الأيام، إذ لا بد من أن يكون للحيض وقت معين مخصوص لا يتجاوزه ولا يقصر عنه.
فمتى أضيف ذكر الأيام إلى عدد مخصوص يتناول ما بين الثلاثة إلى العشرة.
قوله تعالى: (بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)، قد عقل منه استحقاق النار بما يكسب من السيئة وإحاطتها به فكان الجزاء مستحقا بوجود الشرطين غير مستحق بوجود أحدهما، وهذا يدل على أن من عقد اليمين على شرطين في عتاق أو طلاق أو غيرهما أنه لا يحنث بوجود أحدهما دون وجود الآخر.
قوله تعالى: (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا)، يدل على تأكيد حق الوالدين ووجوب الإحسان إليهما كافرين كانا أو مؤمنين، لأنه قرنه إلى الأمر بعبادته تعالى.
وقوله: (وذي القربى) يدل على وجوب صلة الرحم والإحسان إلى اليتامى والمساكين: (وقولوا للناس حسنا) روي عن أبي جعفر محمد بن علي: (وقولوا للناس حسنا كلهم).
قال أبو بكر: وهذا يدل على أنهم كانوا متعبدين بذلك في المسلم والكافر. وقد قيل: أن ذلك على معنى قوله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) [النحل: 125]، والإحسان المذكور في الآية إنما هو الدعاء إليه والنصح فيه لكل أحد. وروي عن ابن عباس وقتادة أنها منسوخة بالأمر بالقتال، وقد قال تعالى: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم) [النساء: 148]. وقد أمر الله تعالى بلعن الكفار والبراءة منهم والإنكار على أهل المعاصي، وهذا مما لا