واختلفت القراء في قراءة قوله: مبينة فقرأه بعضهم: مبينة بفتح الياء، بمعنى أنها قد بينت لكم وأعلنت وأظهرت. وقرأه بعضهم: مبينة بكسر الياء، بمعنى أنها ظاهرة بينة للناس أنها فاحشة. وهما قراءتان مستفيضتان في قراءة أمصار الاسلام، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب في قراءته الصواب، لان الفاحشة إذا أظهرها صاحبها فهي ظاهرة بينة، وإذا ظهرت فبإظهار صاحبها إياها ظهرت، فلا تكون ظاهرة بينة إلا وهي مبينة ولا مبينة إلا وهي مبينة، فلذلك رأيت القراءة بأيهما قرأ القارئ صوابا.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وعاشروهن بالمعروف) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: * (وعاشروهن بالمعروف) *: وخالقوا أيها الرجال نساءكم، وصاحبوهن بالمعروف، يعني بما أمرتم به من المصاحبة، وذلك إمساكهن بأداء حقوقهن التي فرض الله جل ثناؤه لهن عليكم إليهن، أو تسريح منكم لهن بإحسان. كما:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (وعاشروهن بالمعروف) * يقول: وخالطوهن. كذا قال محمد بن الحسين، وإنما هو خالقوهن من العشرة وهي المصاحبة.
القول في تأويل قوله تعالى: * (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) *.
يعني بذلك تعالى ذكره: لا تعضلوا نساءكم لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من غير ريبة، ولا نشوز، كان منهن، ولكن عاشروهن بالمعروف وإن كرهتموهن، فلعلكم أن تكرهوهن، فتمسكوهن، فيجعل الله لكم في إمساككم إياهن على كره منكم لهن خيرا كثيرا من ولد يرزقكم منهن، أو عطفكم عليهن بعد كراهتكم إياهن. كما:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: * (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) * يقال: فعسى الله أن يجعل في الكراهة خيرا كثيرا.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثني أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي في قوله: * (ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) * قال: الولد.