امرأته. فدنا إليه بعضهم يشم رائحته، ثم اعتنقه، ثم قال: اقتلوا عدو الله! فطعنه أبو عبس في خاصرته، وعلاه محمد بن مسلمة بالسيف، فقتلوه، ثم رجعوا. فأصبحت اليهود مذعورين، فجاؤوا إلى النبي (ص)، فقالوا: قتل سيدنا غيلة! فذكرهم النبي (ص) صنيعه، وما كان يحض عليهم، ويحرض في قتالهم، ويؤذيهم، ثم دعاهم إلى أن يكتب بينه وبينهم صلحا، فقال: فكان ذلك الكتاب مع علي رضوان الله عليه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون) *.
يعني بذلك تعالى ذكره: واذكر أيضا من هؤلاء اليهود وغيرهم من أهل الكتاب منهم يا محمد إذ أخذ الله ميثاقهم، ليبينن للناس أمرك الذي أخذ ميثاقهم على بيانه للناس في كتابهم الذي في أيديهم، وهو التوراة والإنجيل، وأنك لله رسول مرسل بالحق، ولا يكتمونه، * (فنبذوه وراء ظهورهم) * يقول: فتركوا أمر الله وضيعوه، ونقضوا ميثاقه الذي أخذ عليهم بذلك، فكتموا أمرك، وكذبوا بك، * (واشتروا به ثمنا قليلا) * يقول: وابتاعوا بكتمانهم ما أخذ عليهم الميثاق أن لا يكتموه من أمر نبوتك، عوضا منه، خسيسا قليلا من عرض الدنيا. ثم ذم جل ثناؤه شراءهم ما اشتروا به من ذلك، فقال: * (فبئس ما يشترون) *.
واختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية، فقال بعضهم: عني بها اليهود خاصة.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: ثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة أنه حدثه، عن ابن عباس:
وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه) * إلى قوله: * (عذاب أليم) * يعني: فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة مولى ابن عباس، مثله.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم كان أمرهم أن يتبعوا النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته،