وإنما قلنا هذا التأويل أولى بتأويل الآية، ابتداؤها خبر من الله تعالى ذكره أنه غير تارك عباده، يعني بغير محن، حتى يفرق بالابتلاء بين مؤمنهم وكافرهم وأهل نفاقهم. ثم عقب ذلك بقوله: * (وما كان ليطلعكم على الغيب) *، فكان فيما افتتح به من صفة إظهار الله نفاق المنافق وكفر الكافر، دلالة واضحة على أن الذي ولي ذلك هو الخبر عن أنه لم يكن ليطلعهم على ما يخفى عنهم من باطن سرائرهم إلا بالذي ذكر أنه مميز به نعتهم إلا من استثناه من رسله الذي خصه بعلمه.
القول في تأويل قوله تعالى: * (فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم) *.
يعني بذلك جل ثناؤه بقوله: * (وإن تؤمنوا) *: وإن تصدقوا من اجتبيته من رسلي بعلمي، وأطلعته على المنافقين منكم، وتتقوا ربكم بطاعته فيما أمركم به نبيكم محمد (ص) وفيما نهاكم عنه، * (فلكم أجر عظيم) * يقول: فلكم بذلك من إيمانكم واتقائكم ربكم ثواب عظيم. كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا) *: أي ترجعوا وتتوبوا، * (فلكم أجر عظيم) *. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير) * اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه جماعة من أهل الحجاز والعراق: * (ولا يحسبن الذين يبخلون) * بالياء من يحسبن وقرأته جماعة أخر: ولا تحسبن بالتاء.
ثم اختلف أهل العربية في تأويل ذلك، فقال بعض نحويي الكوفة: معنى ذلك: لا يحسبن الباخلون البخل هو خيرا لهم. فاكتفى بذكر يبخلون من البخل، كما تقول: قدم فلان فسررت به، وأنت تريد فسررت بقدومه، وهو عماد. وقال بعض نحويي أهل