بسم الله الرحمن الرحيم * (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) * يعني بذلك جل ثناؤه: أنه لم يكن حرم على بني إسرائيل - وهم ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن - شيئا من الأطعمة من قبل أن تنزل التوراة، بل كان ذلك كله لهم حلالا، إلا ما كان يعقوب حرمه على نفسه، فإن ولده حرموه استنانا بأبيهم يعقوب، من غير تحريم الله ذلك عليهم في وحي ولا تنزيل ولا على لسان رسول له إليهم من قبل نزول التوراة.
ثم اختلف أهل التأويل في تحريم ذلك عليهم، هل نزل في التوراة أم لا؟ فقال بعضهم: لما أنزل الله عز وجل التوراة، حرم عليهم من ذلك ما كانوا يحرمونه قبل نزولها.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله: * (كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) * قالت اليهود: إنما نحرم ما حرم إسرائيل على نفسه، وإنما حرم إسرائيل العروق، كان يأخذه عرق النسا، كان يأخذه بالليل ويتركه بالنهار، فحلف لئن الله عافاه منه لا يأكل عرقا أبدا، فحرمه الله عليهم ثم قال: * (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) *: ما حرم هذا عليكم غيري ببغيكم، فذلك قوله:
* (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) *.
فتأويل الآية على هذا القول: كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل، إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة، فإن الله حرم عليهم من ذلك ما كان إسرائيل حرمه على