عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين) * يعني جل ثناؤه بقوله: * (فبما رحمة من الله) *: فبرحمة من الله وما صلة، وقد بينت وجه دخولها في الكلام في قوله: * (إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها) * والعرب تجعل ما صلة في المعرفة والنكرة، كما قال: * (فبما نقضهم ميثاقهم) * والمعنى: فبنقضهم ميثاقهم. وهذا في المعرفة، وقال في النكرة: * (عما قليل ليصبحن نادمين) * والمعنى: عن قليل. وربما جعلت اسما وهي في مذهب صلة، فيرفع ما بعدها أحيانا على وجه الصلة، ويخفض على اتباع الصلة ما قبلها، كما قال الشاعر:
فكفى بنا فضلا على من * غيرنا حب النبي محمد إيانا إذا جعل غير صلة رفعت بإضمار هو، وإن خفضت أتبعت من فأعربته، فذلك حكمة على ما وصفنا مع النكرات، فأما إذا كانت الصلة معرفة، كان الفصيح من الكلام الاتباع، كما قيل: * (فبما نقضهم ميثاقهم) * والرفع جائز في العربية.
وبنحو ما قلنا في قوله: * (فبما رحمة من الله لنت لهم) * قال جماعة من أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في قوله: * (فبما رحمة من الله لنت لهم) * يقول: فبرحمة من الله لنت لهم.
وأما قوله: * (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) * فإنه يعني بالفظ:
الجافي، وبالغليظ القلب: القاسي القلب غير ذي رحمة ولا رأفة، وكذلك صفته (ص)، كما وصفه الله: * (بالمؤمنين رؤوف رحيم) *.