المدينة، وإن جلسوا على الأثقال وتركوا الخيل فقد أرعبهم الله وليسوا بعامديها، فركبوا الأثقال، فرعبهم الله. ثم ندب ناسا يتبعونهم ليروا أن بهم قوة، فاتبعوهم ليلتين أو ثلاثا، فنزلت: * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح) *.
حدثني سعيد بن الربيع، قال: ثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال:
قالت لي عائشة: إن كان أبواك لمن الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح.
تعني: أبا بكر والزبير.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: كان عبد الله من الذين استجابوا لله والرسول.
فوعد تعالى ذكره محسن من ذكرنا أمره من أصحاب رسول الله (ص): * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح) * إذا اتقى الله فخافه، فأدى فرائضه وأطاعه في أمره ونهيه فيما يستقبل من عمره أجرا عظيما، وذلك الثواب الجزيل، والجزاء العظيم، على ما قدم من صالح أعماله في الدنيا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) * يعني تعالى ذكره: وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين الذين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم، والذين في موضع خفض مردود على المؤمنين، وهذه الصفة من صفة الذين استجابوا لله والرسول والناس الأول هم قوم فيما ذكر لنا، كان أبو سفيان سألهم أن يثبطوا رسول الله (ص) وأصحابه الذين خرجوا في طلبه بعد منصرفه عن أحد إلى حمراء الأسد، والناس الثاني: هم أبو سفيان وأصحابه من قريش الذين كانوا معه بأحد، يعني بقوله: * (قد جمعوا لكم) *: قد جمعوا الرجال للقائكم، والكرة إليكم لحربكم * (فاخشوهم) * يقول:
فاحذروهم، واتقوا لقاءهم، فإنه لا طاقة لكم بهم، * (فزادهم إيمانا) * يقول: فزادهم ذلك من تخويف من خوفهم أمر أبي سفيان وأصحابه من المشركين يقينا إلى يقينهم، وتصديقا لله ولوعده ووعد رسوله إلى تصديقهم، ولم يثنهم ذلك عن وجههم الذي أمرهم