قد جمعوا لكم فاخشوهم) *. قال ابن يحيى، قال عبد الرزاق، قال ابن عيينة: وأخبرني زكريا عن الشعبي، عن عبد الله بن عمرو قال: هي كلمة إبراهيم (ص) حين ألقي في النار، فقال:
* (حسبنا الله ونعم الوكيل) *.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: إن الذي قيل لرسول الله (ص) وأصحابه من أن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، كان في حال خروج رسول الله (ص)، وخروج من خرج معه في أثر أبي سفيان، ومن كان معه من مشركي قريش منصرفهم عن أحد إلى حمراء الأسد، لان الله تعالى ذكره إنما مدح الذين وصفهم بقيلهم: * (حسبنا الله ونعم الوكيل) * لما قيل لهم: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، بعد الذي قد كان نالهم من القروح والكلوم، بقوله: * (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح) * ولم تكن هذه الصفة إلا صفة من تبع رسول الله (ص) من جرحى أصحابه بأحد إلى حمراء الأسد.
وأما قول الذين خرجوا معه إلى غزوة بدر الصغرى، فإنه لم يكن فيهم جريج، إلا جريح قد تقادم اندمال جرحه، وبرأ كلمه، وذلك أن رسول الله (ص) إنما خرج إلى بدر الخرجة الثانية إليها لموعد أبي سفيان الذي كان واعده اللقاء بها بعد سنة من غزوة أحد في شعبان سنة أربع من الهجرة، وذلك أن وقعة أحد كانت في النصف من شوال من سنة ثلاث، وخروج النبي (ص) لغزوة بدر الصغرى إليها في شعبان من سنة أربع، ولم يكن للنبي (ص) بين ذلك وقعة مع المشركين كانت بينهم فيها حرب جرح فيها أصحابه، ولكن قد كان قتل في وقعة الرجيع من أصحابه جماعة لم يشهد أحد منهم غزوة بدر الصغرى، وكانت وقعة الرجيع فيما بين وقعة أحد وغزوة النبي (ص) بدر الصغرى. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) * يعني جل ثناؤه بقوله: * فانقلبوا بنعمة من الله) * فانصرف الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح من وجههم الذي توجهوا فيه، وهو سيرهم في أثر عدوهم إلى حمراء الأسد. * (بنعمة من الله) * يعني: بعافية من ربهم لم يلقوا بها عدوا.
* (وفضل) * يعني: أصابوا فيها من الأرباح بتجارتهم التي اتجروا بها، والأجر الذي اكتسبوه. * (لم يمسسهم سوء) * يعني: لم ينلهم بها مكروه من عدوهم ولا أذى. * (واتبعوا رضوان الله) * يعني بذلك أنهم أرضوا الله بفعلهم ذلك واتباعهم رسوله إلى ما دعاهم إليه من