وأما قوله: * (ولقد عفا الله عنهم) * فإن معناه: ولقد تجاوز الله عن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان، أن يعاقبهم، بتوليهم عن عدوهم. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج:
قوله: * (ولقد عفا الله عنهم) * يقول: ولقد عفا الله عنهم إذ لم يعاقبهم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله في توليهم يوم أحد: * (ولقد عفا الله عنهم) * فلا أدري أذلك العفو عن تلك العصابة، أم عفو عن المسلمين كلهم.
وقد بينا تأويل قوله: * (إن الله غفور حليم) * فيما مضى. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير) * يعني بذلك جل ثناؤه: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله، وأقروا بما جاء به محمد من عند الله، لا تكونوا كمن كفر بالله وبرسوله، فجحد نبوة محمد (ص)، وقال لإخوانه من أهل الكفر * (إذا ضربوا في الأرض) * فخرجوا من بلادهم سفرا في تجارة، * (أو كانوا غزى) * يقول: أو كان خروجهم من بلادهم غزاة، فهلكوا فماتوا في سفرهم، أو قتلوا في غزوهم، * (لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا) * يخبر بذلك عن قول هؤلاء الكفار، أنهم يقولون لمن غزا منهم فقتل أو مات في سفر خرج فيه في طاعة الله أو تجارة: لو لم يكونوا خرجوا من عندنا، وكانوا أقاموا في بلادهم ما ماتوا وما قتلوا. * (ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم) * يعني: أنهم يقولون ذلك، كي يجعل الله قولهم ذلك حزنا في قلوبهم وغما، ويجهلون أن ذلك إلى الله جل ثناؤه وبيده. وقد قيل: إن الذين نهى الله المؤمنين بهذه الآية أن يتشبهوا بهم فيما نهاهم عنه من سوء اليقين بالله، هم عبد الله بن أبي ابن سلول وأصحابه. ذكر من قال ذلك: