والإنجيل لمن يؤمن بالله، فيقر بوحدانيته، وما أنزل إليكم أيها المؤمنون، يقول: وما أنزل إليكم من كتابه ووحيه، على لسان رسوله محمد (ص)، وما أنزل إليهم، يعني: وما أنزل على أهل الكتاب من الكتب، وذلك التوراة والإنجيل والزبور، خاشعين لله، يعني:
خاضعين لله بالطاعة، مستكينين له بها متذللين. كما:
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن زيد في قوله:
* (خاشعين لله) * قال: الخاشع: المتذلل لله الخائف.
ونصب قوله: * (خاشعين لله) * على الحال من قوله: * (لمن يؤمن بالله) * وهو حال مما في يؤمن من ذكر من.
* (لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا) * يقول: لا يحرفون ما أنزل إليهم في كتبه من نعت محمد (ص) فيبدلونه، ولا غير ذلك من أحكامه وحججه فيه، لعرض من الدنيا خسيس، يعطونه على ذلك التبديل، وابتغاء الرياسة على الجهال، ولكن ينقادون للحق، فيعملون بما أمرهم الله به، فيما أنزل إليهم من كتبه، وينتهون عما نهاهم عنه فيها، ويؤثرون أمر الله تعالى على هوى أنفسهم.
القول في تأويل قوله: * (أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: * (أولئك لهم أجرهم) *: هؤلاء الذين يؤمنون بالله، وما أنزل إليكم، وما أنزل إليهم، لهم أجرهم عند ربهم، يعني: لهم عوض أعمالهم التي عملوها، وثواب طاعتهم ربهم فيما أطاعوه فيه عند ربهم، يعني: مذخور ذلك لهم لديه، حتى يصيروا إليه في القيامة، فيوفيهم ذلك * (إن الله سريع الحساب) * وسرعة حسابه تعالى ذكره، أنه لا يخفى عليه شئ من أعمالهم قبل أن يعملوها، وبعد ما عملوها، فلا حاجة به إلى إحصاء عدد ذلك، فيقع في الاحصاء إبطاء، فلذلك قال: * (إن الله سريع الحساب) * القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) *.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: اصبروا على دينكم، وصابروا الكفار ورابطوهم. ذكر من قال ذلك: