أشجارها الأنهار، وفي أسافلها جزاء لهم على صالح أعمالهم، * (خالدين فيها) * يعني دائمي المقام في هذه الجنات التي وصفها، * (ونعم أجر العاملين) * يعني ونعم جزاء العاملين لله الجنات التي وصفها كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) *: أي ثواب المطيعين.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) * يعني بقوله تعالى ذكره: * (قد خلت من قبلكم سنن) * مضت وسلفت مني فيمن كان قبلكم يا معشر أصحاب محمد وأهل الايمان به، من نحو قوم عاد وثمود، وقوم هود، وقوم لوط وغيرهم من سلاف الأمم قبلكم سنن، يعني مثلات سير بها فيهم وفيمن كذبوا به من أنبيائهم الذين أرسلوا إليهم، بإمهالي أهل التكذيب بهم، واستدراجي إياهم، حتى بلغ الكتاب فيهم أجله الذي أجلته لإدالة أنبيائهم وأهل الايمان بهم عليهم، ثم أحللت بهم عقوبتي، ونزلت بساحتهم نقمتي، فتركتهم لمن بعدهم أمثالا وعبرا. * (فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) * يقول: فسيروا أيها الظانون أن إدالتي من أدلت من أهل الشرك يوم أحد على محمد وأصحابه لغير استدراج مني لمن أشرك بي، وكفر برسلي، وخالف أمري في ديار الأمم الذين كانوا قبلكم، ممن كان على مثل الذي عليه هؤلاء المكذبون برسولي، والجاحدون وحدانيتي، فانظروا كيف كان عاقبة تكذيبهم أنبيائي، وما الذي آل إليه عن خلافهم أمري، وإنكارهم وحدانيتي، فتعلموا عند ذلك أن إدالتي من أدلت من المشركين على نبي محمد وأصحابه بأحد، إنما هي استدراج وإمهال، ليبلغ الكتاب أجله الذي أجلت لهم، ثم إما أن يؤول حالهم إلى مثل ما آل إليه حال الأمم الذين سلفوا قبلهم من تعجيل العقوبة عليهم، أو ينيبوا إلى طاعتي واتباع رسولي.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: