حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن أبي إسحاق: * (يستبشرون بنعمة من الله وفضل) *... الآية، لما عاينوا من وفاء الموعود وعظيم الثواب.
واختلف القراء في قراءة قوله: * (وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين) *، فقرأ ذلك بعضهم بفتح الألف من أن بمعنى: يستبشرون بنعمة من الله وفضل، وبأن الله لا يضيع أجر المؤمنين. وبكسر الألف على الاستئناف، واحتج من قرأ ذلك كذلك بأنها في قراءة عبد الله: وفضل والله لا يضيع أجر المؤمنين قالوا: فذلك دليل على أن قوله: وإن الله مستأنف غير متصل بالأول.
ومعنى قوله: * (لا يضيع أجر المؤمنين) *: لا يبطل جزاء أعمال من صدق رسوله واتبعه وعمل بما جاءه من عند الله.
وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ ذلك: * (وأن الله) * بفتح الألف، لاجماع الحجة من القراء على ذلك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم) * يعني بذلك جل ثناؤه: وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين، المستجيبين لله والرسول، من بعد ما أصابهم الجراح والكلوم، وإنما عنى الله تعالى ذكره بذلك الذين اتبعوا رسول الله (ص) إلى حمراء الأسد في طلب العدو أبي سفيان، ومن كان معه من مشركي قريش منصرفهم عن أحد، وذلك أن أبا سفيان لما انصرف عن أحد خرج رسول الله (ص) في أثره حتى بلغ حمراء الأسد وهي على ثمانية أميال من المدينة، ليري الناس أن به وأصحابه قوة على عدوهم. كالذي:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني حسان بن عبد الله، عن عكرمة، قال: كان يوم أحد السبت للنصف من شوال، فلما كان الغد من يوم أحد، يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال أذن مؤذن رسول الله (ص) في الناس بطلب العدو، وأذن مؤذنه أن لا يخرجن معنا أحد إلا من حضر يومنا بالأمس، فكلمه جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، فقال: يا رسول الله إن أبي كان خلفني على أخوات لي