حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: ثنا زيد بن الحباب، قال:
ثنا موسى بن عبيدة الربذي قال: ثنا صدقة بن يسار، عن ابن عمر، أن رسول الله (ص)، قال: أيها الناس إن النساء عندكم عوان، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن حق، ولهن عليكم حق، ومن حقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا ولا يعصينكم في معروف، فإذا فعلن ذلك فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف.
فأخبر (ص)، أن من حق الزوج على المرأة أن لا توطئ فراشه أحدا، وأن لا تعصيه في معروف وأن الذي يجب لها من الرزق والكسوة عليه، إنما هو واجب عليه، إذا أدت هي إليه ما يجب عليها من الحق بتركها إيطاء فراشه غيره، وتركها معصيته في معروف. ومعلوم أن معنى قول النبي (ص): من حقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا إنما هو أن لا يمكن أنفسهن من أحد سواكم. وإذا كان ما روينا في ذلك صحيحا عن رسول الله (ص)، فبين أن لزوج المرأة إذا أوطأت امرأته نفسها غيره، وأمكنت من جماعها سواه، أن له منعها من الكسوة والرزق بالمعروف، مثل الذي له من منعها ذلك إذا هي عصته في المعروف. وإذا كان ذلك له فمعلوم أنه غير مانع لها بمنعه إياها ماله منعها حقا لها واجبا عليه. وإذا كان ذلك كذلك فبين أنها إذا افتدت نفسها عند ذلك من زوجها فأخذ منها زوجها ما أعطته أنه لم يأخذ ذلك عن عضل منهي عنه، بل هو أخذ ما أخذ منها عن عضل له مباح. وإذ كان ذلك كذلك كان بينا أنه داخل في استثناء الله تبارك وتعالى الذي استثناه من العاضلين بقوله:
* (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) *. وإذ صح ذلك، فبين فساد قول من قال: * (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) * منسوخ بالحدود، لان الحد حق الله تعالى على من أتى بالفاحشة التي هي زنا. وأما العضل لتفتدي المرأة من الزوج بما آتاها أو ببعضه فحق لزوجها كما عضله إياها وتضييقه عليها إذا هي نشزت عليه لتفتدي منه حق له، وليس حكم أحدهما يبطل حكم الآخر.
فمعنى الآية: ولا يحل لكم أيها الذين آمنوا أن تعضلوا نساءكم، فتضيقوا عليهن، وتمنعوهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صدقاتكم، * (إلا أن يأتين بفاحشة) * من زنا أو بذاء عليكم، وخلاف لكم فيما يجب عليهن لكم مبينة ظاهره، فيحل لكم حينئذ عضلهن، والتضييق عليهن، لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صداق، إن هن افتدين منكم به.