القائل: هو يعطي الدراهم، ويكسو الثياب، بمعنى: هو يعطي الناس الدراهم، ويكسوهم الثياب، فحذف ذلك للاستغناء عنه. وليس الذي شبه ذلك بمشبه، لان الدراهم في قول القائل: هو يعطي الدراهم معلوم أن المعطى هي الدراهم، وليس كذلك الأولياء في قوله:
* (يخوف أولياءه) * مخوفين، بل التخويف من الأولياء لغيرهم، فلذلك افترقا.
القول في تأويل قوله تعالى: * (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) *.
يقول: فلا تخافوا أيها المؤمنون المشركين، ولا يعظمن عليكم أمرهم، ولا ترهبوا جمعهم مع طاعتكم إياي، ما أطعتموني، واتبعتم أمري، وإني متكفل لكم بالنصر والظفر، ولكن خافون، واتقوا أن تعصوني وتخالفوا أمري، فتهلكوا إن كنتم مؤمنين. يقول: ولكن خافوني دون المشركين، ودون جميع خلقي أن تخالفوا أمري إن كنتم مصدقي رسولي وما جاءكم به من عندي. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم) * يقول جل ثناؤه: ولا يحزنك يا محمد كفر الذين يسارعون في الكفر مرتدين على أعقابهم من أهل النفاق، فإنهم لن يضروا الله بمسارعتهم في الكفر شيئا، كما أن مسارعتهم لو سارعوا إلى الايمان لم تكن بنافعته، كذلك مسارعتهم إلى الكفر غير ضارته. كما:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: * (ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) * يعني: هم المنافقون.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) * أي المنافقون.
القول في تأويل قوله تعالى: * (يريد الله أن لا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم) *.
يعني بذلك جل ثناؤه: يريد الله أن لا يجعل لهؤلاء الذين يسارعون في الكفر نصيبا في ثواب الآخرة، فلذلك خذلهم، فسارعوا فيه. ثم أخبر أنهم مع حرمانهم ما حرموا من