اتباع أثر العدو وطاعتهم. * (والله ذو فضل عظيم) * يعني: والله ذو إحسان وطول عليهم بصرف عدوهم الذي كانوا قد هموا بالكرة إليهم، وغير ذلك من أياديه عندهم، وعلى غيرهم بنعمه، عظيم عند من أنعم به عليه من خلقه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: * (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل) * قال: والفضل: ما أصابوا من التجارة والأجر.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: وافقوا السوق فابتاعوا، وذلك قوله: * (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل) * قال:
الفضل ما أصابوا من التجارة والأجر. قال ابن جريج: ما أصابوا من البيع نعمة من الله وفضل، أصابوا عفوه وعزته، لا ينازعهم فيه أحد. قال: وقوله: * (لم يمسسهم سوء) * قال: قتل، * (واتبعوا رضوان الله) * قال: طاعة النبي (ص).
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (والله ذو فضل عظيم) * لما صرف عنهم من لقاء عدوهم.
حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: أطاعوا الله، وابتغوا حاجتهم، ولم يؤذهم أحد. * (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) *.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: أعطي رسول الله (ص) - يعني: حين خرج إلى غزوة بدر الصغرى - ببدر دراهم ابتاعوا بها من موسم بدر، فأصابوا تجارة، فذلك قول الله: * (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله) *. أما النعمة: فهي العافية، وأما الفضل: فالتجارة، والسوء: القتل.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين) * يعني بذلك تعالى ذكره: إنما الذي قال لكم أيها المؤمنون: إن الناس قد جمعوا لكم، فخوفوكم بجموع عدوكم، ومسيرهم إليكم، من فعل الشيطان، ألقاه على أفواه من