هذه الأمة، جعله الله رحمة لهم، ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ويهديهم إلى صراط مستقيم قوله: * (ويعلمهم الكتاب والحكمة) * الحكمة: السنة. * (وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) *: ليس الله كما تقول أهل حروراء: محنة غالبة من أخطأها أهريق دمه، ولكن الله بعث نبيه (ص) إلى قوم لا يعلمون فعلمهم، وإلى قوم لا أدب لهم فأدبهم.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: * (لقد من الله على المؤمنين) * إلى قوله * (لفي ضلال مبين) *: أي لقد من الله عليكم يا أهل الايمان إذ بعث فيكم رسولا من أنفسكم، يتلو عليكم آياته، ويزكيكم فيما أخذتم، وفيما علمتم، ويعلمكم الخير والشر، لتعرفوا الخير فتعملوا به، والشر فتتقوه، ويخبركم برضاه عنكم إذ أطعتموه، لتستكثروا من طاعته، وتجتنبوا ما سخط منكم من معصيته، فتتخلصوا بذلك من نقمته، وتدركوا بذلك ثوابه من جنته. * (وإن كنتم من قبل لفي ضلال مبين) * أي في عمياء من الجاهلية لا تعرفون حسنة، ولا تستغيثون من سيئة، صم عن الحق، عمي عن الهدى. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شئ قدير) * يعني تعالى ذكره بذلك: أو حين أصابتكم أيها المؤمنون مصيبة، وهي القتلى الذين قتلوا منهم يوم أحد، والجرحى الذين جرحوا منهم بأحد، وكان المشركون قتلوا منهم يومئذ سبعين نفرا. * (قد أصبتم مثليها) * يقول: قد أصبتم أنتم أيها المؤمنون من المشركين مثل هذه المصيبة التي أصابوا هم منكم، وهي المصيبة التي أصابها المسلمون من المشركين ببدر، وذلك أنهم قتلوا منهم سبعين، وأسروا سبعين. * (قلتم أنى هذا) * يعني:
قلتم لما أصابتكم مصيبتكم بأحد: * (أنى هذا) * من أي وجه هذا، ومن أين أصابنا هذا الذي أصابنا، ونحن مسلمون، وهم مشركون، وفينا نبي الله (ص)، يأتيه الوحي من السماء، وعدونا أهل كفر بالله وشرك؟ قل يا محمد للمؤمنين بك من أصحابك: * (هو من عند