الوليد بن مسلم، قال: ثنا عتبة بن ضمرة، قال: سمعت أبا عون الأنصاري في قوله:
* (قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا) * قال: رابطوا.
وأما قوله: * (والله أعلم بما يكتمون) * فإنه يعني به: والله أعلم من هؤلاء المنافقين الذين يقولون من العداوة والشنآن، وأنهم لو علموا قتالا ما تبعوهم، ولا دافعوا عنهم، وهو تعالى ذكره محيط بما يخفونه من ذلك، مطلع عليه، ومحصيه عليهم حتى يهتك أستارهم في عاجل الدنيا، فيفضحهم به، ويصليهم به الدرك الأسفل من النار في الآخرة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين) * يعني تعالى ذكره بذلك: وليعلم الله الذين نافقوا، الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا.
فموضع الذين نصب على الابدال من الذين نافقوا، وقد يجوز أن يكون رفعا على الترجمة عما في قوله: * (يكتمون) * من ذكر الذين نافقوا فمعنى الآية: وليعلم الله الذين قالوا لإخوانهم الذين أصيبوا مع المسلمين في حربهم المشركين بأحد يوم أحد، فقتلوا هنالك من عشائرهم وقومهم، * (وقعدوا) * يعني: وقعد هؤلاء المنافقون القائلون ما قالوا مما أخبر الله عز وجل عنهم من قيلهم عن الجهاد مع إخوانهم وعشائرهم في سبيل الله: * (لو أطاعونا) * يعني: لو أطاعنا من قتل بأحد من إخواننا وعشائرنا * (ما قتلوا) * يعني: ما قتلوا هنالك. قال الله عز وجل لنبيه محمد (ص): قل يا محمد لهؤلاء القائلين هذه المقالة من المنافقين: فادرءوا، يعني: فادفعوا من قول القائل: درأت عن فلان القتل، بمعنى: دفعت عنه، أدرؤه درءا، ومنه قول الشاعر:
تقول وقد درأت لها وضيني * أهذا دينه أبدا وديني