الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) *.
يعني بذلك تعالى ذكره: * (لتبلون في أموالكم) * لتختبرن بالمصائب في أموالكم وأنفسكم، يعني: وبهلاك الأقرباء والعشائر من أهل نصرتكم وملتكم، * (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) * يعني: من اليهود وقولهم * (إن الله فقير ونحن أغنياء) * وقولهم * (يد الله مغلولة) * وما أشبه ذلك من افترائهم على الله. * (ومن الذين أشركوا) * يعني النصارى، * (أذى كثيرا) * والأذى من اليهود ما ذكرنا، ومن النصارى قولهم: المسيح ابن الله، وما أشبه ذلك من كفرهم بالله. * (وإن تصبروا وتتقوا) * يقول: وإن تصبروا لأمر الله الذي أمركم به فيهم وفي غيرهم من طاعته وتتقوا، يقول: وتتقوا الله فيما أمركم ونهاكم، فتعملوا في ذلك بطاعته. * (فإن ذلك من عزم الأمور) * يقول: فإن ذلك الصبر والتقوى مما عزم الله عليه وأمركم به. وقيل إن ذلك كله نزل في فنحاص اليهودي سيد بني قينقاع.
كالذي:
حدثنا به القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: قال عكرمة في قوله: * (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا) * قال: نزلت هذه الآية في النبي (ص)، وفي أبي بكر رضوان الله عليه، وفي فنحاص اليهودي سيد بني قينقاع، قال: بعث النبي (ص) أبا بكر الصديق رحمه الله إلى فنحاص يستمده، وكتب إليه بكتاب، وقال لأبي بكر: لا تفتاتن علي بشئ حتى ترجع فجاء أبو بكر وهو متوشح بالسيف، فأعطاه الكتاب، فلما قرأه قال:
قد احتاج ربكم أن نمده! فهم أبو بكر أن يضربه بالسيف، ثم ذكر قول النبي (ص): لا تفتاتن علي بشئ حتى ترجع فكف، ونزلت: * (ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم) * وما بين الآيتين إلى قوله: * (لتبلون في أموالكم وأنفسكم) * نزلت هذه الآيات في بني قينقاع، إلى قوله: * (فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك) *. قال ابن جريج: يعزي نبيه (ص)، قال: * (لتبلون في أموالكم وأنفسكم) * قال: أعلم الله المؤمنين أنه سيبتليهم فينظر كيف صبرهم على دينهم، ثم قال: * (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) * يعني: اليهود والنصارى، * (ومن الذين أشركوا أذى كثيرا) * فكان المسلمون