وأما قوله: * (المنير) * فإنه يعني: الذي ينير فيبين الحق لمن التبس عليه ويوضحه، وإنما هو من النور والإضاءة، يقال: قد أنار لك هذا الامر، بمعنى: أضاء لك وتبين، فهو ينير إنارة، والشئ المنير. وقد:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: * (فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك) * قال: يعزي نبيه (ص).
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: * (فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك) * قال: يعزي نبيه (ص).
وهذا الحرف في مصاحف أهل الحجاز والعراق: والزبر بغير باء، وهو في مصاحف أهل الشام: وبالزبر بالباء مثل الذي في سورة فاطر. القول في تأويل قوله تعالى:
* (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) *.
يعني بذلك تعالى ذكره: أن مصير هؤلاء المفترين على الله من اليهود المكذبين برسوله، الذين وصف صفتهم، وأخبر عن جرأتهم على ربهم، ومصير غيرهم من جميع خلقه تعالى ذكره، ومرجع جميعهم إليه، لأنه قد حتم الموت على جميعهم، فقال لنبيه (ص): لا يحزنك تكذيب من كذبك يا محمد من هؤلاء اليهود وغيرهم، وافتراء من افترى علي، فقد كذب قبلك رسل جاءوا من الآيات والحجج من أرسلوا إليه بمثل الذي جئت من أرسلت إليه، فلك فيهم أسوة تتعزى بهم، ومصير من كذبك، وافترى علي وغيرهم، ومرجعهم إلي، فأوفي كل نفس منهم جزاء عمله يوم القيامة، كما قال جل ثناؤه:
* (وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) * يعني أجور أعمالكم إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
* (فمن زحزح عن النار) *، يقول: فمن نحي عن النار وأبعد منها، * (فقد فاز) * يقول: فقد نجا وظفر بحاجته، يقال منه: فاز فلان بطلبته يفوز فوزا ومفازا ومفازة: إذا ظفر بها.
وإنما معنى ذلك: فمن نحي عن النار فأبعد منها، وأدخل الجنة، فقد نجا وظفر بعظيم الكرامة. * (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) * يقول: وما