حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (والله يحيي ويميت) *: أي يعجل ما يشاء ويؤخر ما يشاء من آجالهم بقدرته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) * يخاطب جل ثناؤه عباده المؤمنين يقول لهم: لا تكونوا أيها المؤمنون في شك من أن الأمور كلها بيد الله، وأن إليه الاحياء والإماتة، كما شك المنافقون في ذلك، ولكن جاهدوا في سبيل الله، وقاتلوا أعداء الله على يقين منكم بأنه لا يقتل في حرب، ولا يموت في سفر إلا من بلغ أجله وحانت وفاته. ثم وعدهم على جهادهم في سبيله المغفرة والرحمة، وأخبرهم أن موتا في سبيل الله وقتلا في الله خير لهم مما يجمعون في الدنيا من حطامها ورغيد عيشها الذي من أجله يتثاقلون عن الجهاد في سبيل الله ويتأخرون عن لقاء العدو.
كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) *: أي إن الموت كائن لا بد منه، فموت في سبيل الله أو قتل خير لو علموا فأيقنوا مما يجمعون في الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد، تخوفا من الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا وزهادة في الآخرة.
وإنما قال الله عز وجل: * (لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) * وابتدأ الكلام:
ولئن متم أو قتلتم بحذف جزاء لئن لان في قوله: * (لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) * معنى جواز للجزاء، وذلك أنه وعد خرج مخرج الخبر.
فتأويل الكلام: ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم، ليغفرن الله لكم وليرحمنكم، فدل على ذلك بقوله: * (لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) * وجمع مع الدلالة به عليه الخبر عن فضل ذلك على ما يؤثرونه من الدنيا، وما يجمعون فيها.
وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أنه إن قيل: كيف يكون: * (لمغفرة من الله ورحمة) * جوابا لقوله: * (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم) * فإن القول فيه أن يقال