* (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين) * يعني بذلك جل ثناؤه: سيلقى الله أيها المؤمنون في قلوب الذين كفروا بربهم، وجحدوا نبوة محمد (ص) ممن حاربكم بأحد الرعب، وهو الجزع والهلع بما أشركوا بالله، يعني بشركهم بالله وعبادتهم الأصنام، وطاعتهم الشيطان التي لم أجعل لهم بها حجة، وهي السلطان التي أخبر عز وجل أنه لم ينزله بكفرهم وشركهم، وهذا وعد من الله جل ثناؤه أصحاب رسول الله (ص) بالنصر على أعدائهم، والفلج عليهم ما استقاموا على عهده، وتمسكوا بطاعته، ثم أخبرهم ما هو فاعل بأعدائهم بعد مصيرهم إليه، فقال جل ثناؤه:
* (ومأواهم النار) * يعني: ومرجعهم الذي يرجعون إليه يوم القيامة النار * (وبئس مثوى الظالمين) * يقول: وبئس مقام الظالمين الذين ظلموا أنفسهم باكتسابهم ما أوجب لها عقاب الله النار كما:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين) * إني سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب الذي به كنت أنصركم عليهم، بما أشركوا بي ما لم أجعل لهم به حجة، أي فلا تظنوا أن لهم عاقبة نصر، ولا ظهور عليكم ما اعتصمتم واتبعتم أمري، للمصيبة التي أصابتكم منهم بذنوب قدمتموها لأنفسكم، خالفتم بها أمري، وعصيتم فيها نبي الله (ص).
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين نحو مكة، انطلق أبو سفيان حتى بلغ بعض الطريق، ثم إنهم ندموا فقالوا: بئس ما صنعتم، إنكم قتلتموهم، حتى إذا لم يبق إلا الشرير تركتموهم، ارجعوا فاستأصلوهم، فقذف الله عز وجل في قلوبهم الرعب، فانهزموا، فلقوا أعرابيا، فجعلوا له جعلا، وقالوا له: إن لقيت محمدا فأخبره بما قد جمعنا لهم! فأخبر الله عز وجل رسوله (ص)، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد، فأنزل الله عز وجل في ذلك، فذكر أبا سفيان حين أراد أن يرجع إلى النبي (ص) وما قذف في قلبه من الرعب،