حدثني بذلك الحسين بن يزيد السبيعي، قال: ثنا عبد الحميد الحماني، عن عثمان بن واقد، عن أبي نصيرة، عن مولى لأبي بكر، عن أبي بكر، عن رسول الله (ص).
فلو كان مواقع الذنب مصرا، لم يكن لقوله ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة معنى، لان مواقعة الذنب، إذا كانت هي الاصرار، فلا يزيل الاسم الذي لزمه معنى غيره، كما لا يزيل عن الزاني اسم زان، وعن القاتل اسم قاتل توبته منه، ولا معنى غيرها، وقد أبان هذا الخبر أن المستغفر من ذنبه غير مصر عليه، فمعلوم بذلك أن الاصرار غير الموقعة، وأنه المقام عليه على ما قلنا قبل.
واختلف أهل التأويل في تأويل قولهم: * (وهم يعلمون) * فقال بعضهم: معناه: وهم يعلمون أنهم قد أذنبوا. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: أما * (وهم يعلمون) *: فيعلمون أنهم قد أذنبوا، ثم أقاموا فلم يستغفروا.
وقال آخرون: معنى ذلك: وهم يعلمون أن الذي أتوا معصية الله. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (وهم يعلمون) * قال:
يعلمون ما حرمت عليهم من عبادة غيري.
قال أبو جعفر: وقد تقدم بياننا أولى ذلك بالصواب. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين) * يعني تعالى ذكره بقوله: أولئك الذين ذكر أنه أعد لهم الجنة التي عرضها السماوات والأرض من المتقين، ووصفهم به، ثم قال: هؤلاء الذين هذه صفتهم * (جزاؤهم) * يعني ثوابهم من أعمالهم التي وصفهم تعالى ذكره أنهم عملوها، * (مغفرة من ربهم) * يقول: عفو لهم من الله عن عقوبتهم على ما سلف من ذنوبهم، ولهم على ما أطاعوا الله فيه من أعمالهم بالحسن منها جنات، وهي البساتين * (تجري من تحتها الأنهار) * يقول: تجري خلال