الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم) * يعني بقوله: * (ما كان الله ليذر المؤمنين) * ما كان الله ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من التباس المؤمن منكم بالمنافق، فلا يعرف هذا من هذا * (حتى يميز الخبيث من الطيب) * يعني بذلك: حتى يميز الخبيث، وهو المنافق المستسر للكفر، من الطيب، وهو المؤمن المخلص الصادق الايمان بالمحن والاختبار، كما ميز بينهم يوم أحد عند لقاء العدو عند خروجهم إليه.
واختلف أهل التأويل في الخبيث الذي عنى الله بهذه الآية، فقال بعضهم فيه مثل قولنا. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثني أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: * (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) * قال: ميز بينهم يوم أحد، المنافق من المؤمن.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج: * (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) * قال ابن جريج:
يقول: ليبين الصادق بإيمانه من الكاذب. قال: ابن جريج: قال مجاهد: يوم أحد ميز بعضهم عن بعض، المنافق عن المؤمن.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: * (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) *: أي المنافق.
وقال آخرون: معنى ذلك: حتى يميز المؤمن من الكافر بالهجرة والجهاد. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه) * يعني: الكفار. يقول: لم يكن الله ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضلالة، * (حتى يميز الخبيث من الطيب) *: يميز بينهم في الجهاد والهجرة.