حدثني أحمد بن يحيى الصوفي، قال: ثنا عبد الرحمن بن شريك، قال:
ثنا أبي، قال: ثنا هشام بن عروة، عن عروة، عن عبد الله بن الزبير: أن الزبير كانت عليه ملاءة صفراء يوم بدر، فاعتم بها، فنزلت الملائكة يوم بدر على نبي الله (ص) معممين بعمائم صفر.
فهذه الأخبار التي ذكرنا بعضها عن رسول الله (ص) أنه قال لأصحابه: تسوموا فإن الملائكة قد تسومت وقول أبي أسيد: خرجت الملائكة في عمائم صفر قد طرحوها بين أكتافهم، وقول من قال منهم: * (مسومين) *: معلمين، ينبئ جميع ذلك عن صحة ما اخترنا من القراءة في ذلك، وأن التسويم كان من الملائكة بأنفسها، على نحو ما قلنا في ذلك فيما مضى. وأما الذين قرؤا ذلك مسومين بالفتح، فإنهم أراهم تأولوا في ذلك ما:
حدثنا به حميد بن مسعدة، قال: ثنا يزيد بن زريع، عن عثمان بن غياث، عن عكرمة: بخمسة آلاف من الملائكة مسومين يقول: عليهم سيما القتال.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: بخمسة آلاف من الملائكة مسومين يقول: عليهم سيما القتال، وذلك يوم بدر، أمدهم الله بخمسة آلاف من الملائكة مسومين، يقول: عليهم سيما القتال.
فقالوا: كان سيما القتال عليهم، لا أنهم كانوا تسوموا بسيما فيضاف إليهم التسويم، فمن أجل ذلك قرؤا: مسومين بمعنى أن الله تعالى أضاف التسويم إلى من سومهم تلك السيما. والسيما: العلامة، يقال: هي سيما حسنة، وسيمياء حسنة، كما قال الشاعر:
غلام رماه الله بالحسن يا فعاله سيمياء لا تشق على البصر يعني الشاعر بذلك علامة من حسن. فإذا أعلم الرجل بعلامة يعرف بها في حرب أو غيره، قيل: سوم نفسه، فهو يسومها تسويما. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم) * يعني تعالى ذكره: وما جعل الله وعده إياكم ما وعدكم من إمداده إياكم بالملائكة